زيلينسكي يسير على خطى تشرشل .. واشنطن تمد أوكرانيا بإحداثيات مواقع للقوات الروسية
واشنطن- فصّلت عدة تقارير نُشرت مؤخرا لدور أميركي عسكري متزايد في دعم الجانب الأوكراني في مواجهة الحرب الروسية المستمرة منذ نحو عام.
وأكد تقرير لصحيفة واشنطن بوست، نشر قبل أيام، أن القوات الأوكرانية لا تطلق قذائفها المدفعية إلا بعد وصول معلومات استخباراتية وإحداثيات جغرافية تقدمها قوات أميركية تتمركز خارج الحدود الأوكرانية.
وأدت الضربات الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إس” (GPS) إلى تراجع القوات الروسية في ساحة المعركة، وتم الاحتفال بها كعامل رئيسي في محاولة أوكرانيا مواجهة الهجوم الروسي المستمر منذ ما يقرب من عام.
وعندما زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البيت الأبيض في ديسمبر/كانون الأول الماضي، منح قائد وحدة “هيمارس” (HIMARS) الأوكرانية الرئيس الأميركي جو بايدن ميدالية عسكرية تعبيرا عن امتنانهم للموقف الأميركي.
ووصف التقرير المساعدة الأميركية بأنها “ممارسة لم يتم الكشف عنها سابقا تكشف عن دور أعمق وأكثر نشاطا من الناحية العملياتية للبنتاغون في الحرب”.
زيلينسكي يسير على نهج تشرشل
وحذّر المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية أرون ديفيد ميلر من أن خطوات ومطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تدفع بالولايات المتحدة نحو مسار التورط الفعلي في القتال بالحرب الدائرة منذ عام.
وذكّر ميلر بنهج رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل الذي كرر على الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت مطالب مده بالسلاح حتى يتم الانتهاء من المهمة، إلا أن ما جرى هو دخول الولايات المتحدة بنفسها الحرب العالمية الثانية في جبهتها الأوروبية.
وغرد ميلر يقول “في عام 1941، قال تشرشل أعطنا الأسلحة وسننتهي من المهمة، وهو ما لم يتحقق، فلم يكن الدعم الأميركي كافيا، وقد أراد تشرشل دخول أميركا الحرب، فهل هذا ما يريده زيلينسكي أيضا، أن تتدخل الولايات المتحدة في القتال الفعلي”.
In 1941, Churchill said give us the tools and we’ll finish the job. Didn’t work out for him. US support wasn’t enough. He wanted the US in. Is that what Zelensky wants too — US as an active combatant. https://t.co/XCtpsJ4JXO
— Aaron David Miller (@aarondmiller2) February 10, 2023
وجاءت تغريدة ميلر ردا على التقرير الذي تضمن شهادات 3 مسؤولين أوكرانيين كبار ومسؤول أميركي رفيع تؤكد اعتماد أوكرانيا على “الإحداثيات التي قدمتها أو أكدتها الولايات المتحدة وحلفاؤها للغالبية العظمى من ضرباتها من النظام المدفعي “هيمارس” ونظام الصواريخ متعددة الإطلاق “إم-270” (M-270).
وقال مسؤول أوكراني كبير إن قوات بلاده “لا تطلق أبدا القذائف المدفعية والصاروخية المتقدمة دون إحداثيات محددة يقدمها أفراد عسكريون أميركيون”.
من جانبه، قال المسؤول الأميركي إن هذه الإستراتيجية “عملت على ضمان الدقة والحفاظ على استخدام القذائف لتحقيق أقصى قدر من الفعالية”.
البنتاغون والرغبة في المزيد
من جهته، أصدر البنتاغون بيانا يؤكد فيه تقديمه هذه المساعدات، لكنه أكد أن “الأوكرانيين مسؤولون عن العثور على الأهداف، وتحديد أولوياتها ثم تحديد الأهداف في نهاية المطاف التي ستتم مهاجمتها، الولايات المتحدة لا توافق على الأهداف، ولا نشارك في اختيار الأهداف أو الاشتباك معها”.
من جانبها، أشارت كيلي بيوكار فوليس، خبيرة شؤون الأمن القومي بمعهد كوينسي، إلى أن “مسؤولي البنتاغون يريدون إعادة العمل بنظام ما قبل اندلاع الحرب الأوكرانية الذي من شأنه أن يسمح لهم بإدخال فرق الكوماندوز لتتحكم في توجيه الجانب الأوكراني ومراقبة التحركات الروسية على الأرض”.
وتشير فوليس إلى أن هناك رغبة بين بعض العسكريين الأميركيين لتجاوز الخط السياسي الأحمر بعدم بقاء قوات أميركية داخل أوكرانيا، لكن إذا حدث تجاوز لهذا الخط الأحمر، فإننا على الأرجح لن نعرف أبدا ما إذا كان ذلك سيحدث بالفعل، لأن الأنشطة ستكون “سرية للغاية”.
ووفقا لتقرير واشنطن بوست، كانت واشنطن تدير هذه الفرق من داخل أوكرانيا بموجب المادة 1202 من قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2019 حتى وقوع الغزو الروسي، وتم إيقاف العمل بهذا القانون.
وكشف التقرير ما خمنه الكثير من الخبراء العسكريين الأميركيين من أن الأوكرانيين غير قادرين على تشغيل الأسلحة المتطورة التي تقدمها لهم الولايات المتحدة دون مساعدة مباشرة من البنتاغون، كما كشف التقرير وجود القوات الأميركية في صورة أقرب للقوات الروسية مما يتم الاعتراف به علنا.
وعلى النقيض يرى مسؤولون أوكرانيون أن هذا التعاون العملياتي يجب أن يمنح واشنطن الثقة بشأن تزويد كييف بأسلحة بعيدة المدى، وبعدما طالبت كييف بدبابات غربية أميركية وألمانية بالأساس، وتم تجاهل الطلب الأوكراني لشهور، ثم وافقت دول حلف الناتو على تقديم الدبابات المتطورة لأوكرانيا، وحاليا يطالب الرئيس الأوكراني بمد بلاده بطائرات غربية مقاتلة، وترفض واشنطن هذا الطلب حتى الآن.
دور أميركي غير محارب
واتهم الكرملين مرارا الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو بخوض حرب بالوكالة في أوكرانيا.
من هنا يعد الدور الأميركي المتزايد في دعم أوكرانيا قضية حساسة لإدارة الرئيس جو بايدن التي تصور نفسها كصديق غير محارب لأوكرانيا في الوقت الذي تكافح فيه من أجل سيادتها وبقائها.
ورفض مسؤولون كبار في البنتاغون لعدة أيام الإجابة عن أسئلة حول ما إذا كانوا يقدمون إحداثيات الضربات وكيفية تقديمها، مشيرين إلى مخاوف بشأن أمن العمليات، وبدلا من ذلك، قدموا بيانا يسلط الضوء على حدود التدخل الأميركي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، العميد باتريك رايدر، في البيان: “لقد اعترفنا منذ فترة طويلة بأننا نشارك المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لمساعدتهم في الدفاع عن بلادهم ضد العدوان الروسي، وقد قمنا بمرور الوقت بتحسين كيفية تبادل المعلومات حتى نتمكن من دعم طلباتهم وعمليات استهدافهم بسرعة ونطاق محسنين”.
وأضاف أن “الأوكرانيين مسؤولون عن العثور على الأهداف، وتحديد أولوياتها ثم تحديد الأهداف في نهاية المطاف وأي منها يجب الاشتباك معه ومهاجمته، الولايات المتحدة لا توافق على الأهداف، ولا نشارك في اختيار الأهداف أو الاشتباك معها”.
ومن جانبه، يقول أناتول ليفين، مدير برنامج أوراسيا التابع لمعهد كوينسي، إنه من الصعب للغاية أن تبرر واشنطن ما تقوم به لمساعدة أوكرانيا.
وطالب ليفين أعضاء الكونغرس بأن”يسألوا أنفسهم كيف سيكون رد فعل أميركا إذا تم عكس هذه المواقف، وكم من الوقت سيستغرق قبل أن تنتقم روسيا من الولايات المتحدة بسبب المساعدة الاستخباراتية الأميركية لأوكرانيا التي قتلت الكثير من الجنود الروس”.