نشرت صحيفة “الغارديان” (Guardian) البريطانية مقالا يرى كاتبه أن اللحظة التي تمر بها بريطانيا الآن بعد استقالة رئيسة الوزراء ليز تراس ستكون لها تداعيات سيئة وطويلة الأمد على جوانب عديدة من سياسات المملكة المتحدة.
وأبرز مارتن كيتل، وهو محرر وكاتب عمود في الغارديان، في مقاله بالصحيفة، أن الحدث الذي يراه البعض “لحظة لن تتكرر” في تاريخ بريطانيا سيلقي بظلاله على كل شيء؛ بدءا بالسياسة المالية إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن تأثيره السلبي في ثقة الشعب بقادته السياسيين.
وقال كيتل إن “الأحداث المؤلمة تخلّف إرثا من الصدمة، نلمس ذلك في حياتنا الشخصية، لكنه ينطبق أيضا على الدول وسياساتها”.
وفي إشارة إلى الأحداث المحيطة باستقالة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وما بعدها، قال كيتل إن مأساة ومهزلة الأشهر الماضية لم تنته بعد، وقد يكون هناك مزيد من الاضطرابات، خاصة في حال عودة بوريس جونسون، مضيفا “حتى وإن لم يعد (جونسون)، فإن هذه الأشهر ستترك آثارا مؤلمة حيث تمر السياسة البريطانية بما يشبه ضربا من أشكال اضطراب ما بعد الصدمة”.
وأشار الكاتب إلى تجارب دول عديدة ما زالت الأهوال التي عاشتها مطبوعة في نفوس شعوبها، ففي ألمانيا الحديثة على سبيل المثال ما زال الرفض الراسخ للماضي النازي يشكل سياسات البلاد، كذلك مأساة فيتنام ما زالت تلقي بظلالها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
أما في روسيا فيحاول الرئيس فلاديمير بوتين باستمرار تعزيز حكمه الاستبدادي من خلال التحذير من عودة ما يعرف بـ”حقبة الاضطرابات” التي عرفها البلد من عام 1598 حتى عام 1613، وفق مقال الغارديان.
ويرى الكاتب في مقاله أن على البريطانيين أيضا إدراك الضرر الواسع الذي ألحقته حقبة حكم جونسون وليز تراس بالشعب البريطاني، كما يرى أن هناك حاجة ماسّة لطرح أسئلة تتعلق بالتأثيرات السيئة على المدى البعيد لسلسلة إسقاط رؤساء الوزراء، والوزراء الذين يأتون للسلطة ثم لا يلبثون أن يقالوا أو يستقيلوا سريعا، والأضرار التي لحقت باقتصاد البلد جراء ذلك.
وعن تأثير الحدث على حزب المحافظين، يقول الكاتب إنه في حال عودة جونسون لرئاسة الحزب الأسبوع المقبل، فإن ذلك سيزيد احتمال انقسام المحافظين، كما حدث لليبراليين في عام 1918 وحزب العمال في عام 1981، وستكون لذلك عواقب سيئة على المدى البعيد.
و أبرز المقال التأثير السيئ الذي تركته تجربة تراس في رئاسة الوزراء على ثقة الشعب بالقادة السياسيين بشكل عام، موضحا أن عدم كفاءة رئيسة الوزراء المستقيلة وحكومتها قوبلت بما يشبه العبارات التي غالبا ما توجّه للحكام في مدرجات كرة القدم وهي “أنت لا تعرف ما تفعله”.
وختم مارتن كيتل بالقول إن السؤال الأبرز بعد سقوط حكومة تراس عما إذا كان الشعب البريطاني مستعدا للثقة بأي سياسي بعد الآن.