نبه مقال بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) إلى أن سعر النفط قد يرتفع قريبا ليصل إلى 150 دولارا للبرميل، وأن فرصة انخفاض السعر ضئيلة بالرغم من الإجراءات الطارئة.

ويرى الكاتب غريغوري برو، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في معهد جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل، أن العالم يواجه أزمة طاقة تاريخية في أعقاب جائحة “كوفيد-19” وحرب روسيا على أوكرانيا.

 

وتتأرجح أسعار البترول بالولايات المتحدة عند 5 دولارات للغالون الواحد، في حين لا تزال تكاليف الطاقة في أوروبا باهظة. وأوقفت إدارة الرئيس جو بايدن كل المحطات وأطلقت النفط من الاحتياطي البترولي الإستراتيجي وناشدت السعودية زيادة الإنتاج.

أوائل يونيو/ حزيران رضخت الرياض وأعلنت أنها ستعزز الإنتاج في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، ومع ذلك وصف الكاتب الأمر بأنه سلوى واهنة للمستهلكين لأن سعر النفط لم ينخفض، ومن المرجح أن يرتفع متجاوزا 150 دولارا للبرميل بحلل نهاية سبتمبر/أيلول، وهو سعر لم يُشاهد منذ عام 2008.

هل يمكن تجنب ارتفاع أسعار النفط؟

ويرى المقال أنه بدون فرض ركود اقتصادي أو فرض تخفيضات كبيرة على الاستهلاك من خلال إغلاق على غرار الوباء، لا يوجد الكثير الذي يمكن لإدارة بايدن فعله لتجنب صدمة الأسعار القادم، وقال إن هناك 4 أسباب لذلك:

السبب الأول أساسي للغاية، وهو أنه بالرغم من ارتفاع أسعار النفط، لا يبدو أن استهلاك المنتجات النفطية آخذ في الانخفاض. وفي وقت تكون فيه ثقة المستهلك منخفضة، يشتري الأميركيون البضائع بكميات كبيرة، ولا يزال النمو الاقتصادي ونمو الوظائف منتعشا إلى حد ما، رغم الحديث عن “التضخم المصحوب بالركود” والركود الوشيك. السبب الثاني أكثر تعقيدا ويرتبط بطرق تصنيع النفط والخام إلى منتجات نفطية قابلة للاستخدام.

وبينما يمكن للدول والشركات الاستفادة من مخزونات النفط والمنتجات النفطية المخزنة للاستخدام المستقبلي (أحد ابتكارات أزمة الطاقة في السبعينيات التي استمرت في تشكيل اقتصاديات الطاقة اليوم) تُستنفد هذه المخزونات بوتيرة تاريخية سريعة، وهذا هو السبب الثالث لاستمرار الأسعار في الارتفاع.

وهذا يقودنا إلى السبب الرابع، وهو العرض، ففي ظل الظروف العادية سيستجيب المنتجون لمستويات أعلى من الطلب بضخ المزيد من النفط، لكن هناك قدرا ضئيلا بشكل مثير للصدمة من الطاقة الفائضة المتبقية في اقتصاد النفط العالمي.

وستزيد الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، الإنتاج بما يصل إلى 720 ألف برميل يوميا عام 2022، وقد تباطأ المستثمرون في ضخ المزيد من الأموال في الإنتاج الجديد، ولكن رغم ترددهم، فإن الإنتاج المحلي في طريقه لتحطيم الأرقام القياسية عام 2023، والقيود المادية، مثل نقص خطوط الأنابيب والعمالة اللازمة لفتح آبار جديدة، مما يجعل من غير المحتمل حدوث زيادة إضافية بالإنتاج.

ولدى أوبك بقيادة السعودية أقل من مليوني برميل يوميا من الطاقة الفائضة. وقد أعلنت المجموعة مؤخرا عن زيادة بنحو 600 ألف برميل يوميا في يوليو/تموز وأغسطس/آب، لكن الخبراء لا يتوقعون أن تحقق أوبك هذا المستوى بسبب الصعوبات الحالية في العديد من الدول الأعضاء في الوصول إلى الحصص.

واختتم برو مقاله بأنه سوف يستغرق الشعور بالتأثير الكامل لهذه السياسات بعض الوقت، وفي غضون ذلك، سترتفع أسعار النفط للأسباب الأربعة المذكورة أعلاه.

ويبقى السؤال مفتوحا حول السعر، لكن تقديرا معقولا يضع السقف بين 130-150 دولارا للبرميل. وفوق هذا المستوى، سيتم تدمير الطلب حيث يصبح الاستهلاك مكلفا للغاية بحيث يتعذر الحفاظ عليه، وكانت آخر مرة حدث فيها ذلك منتصف عام 2008، وهو انهيار في الطلب صاحب أزمة مالية عالمية ذات أبعاد تاريخية، ونأمل أن تسير الأحداث بشكل مختلف هذه المرة.

المصدر : فورين بوليسي

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *