جاء فيلم الحركة الأميركي “المدينة المفقودة” (The Lost City) عام 2022، قفزة رشيقة لساندرا بولوك، من تراجيديا “ما لا يغتفر” (The Unforgivable) عام 2021، إلى هذه “المغامرة الرومانسية الكوميدية المُفرطة النشاط، المُشرقة بصريا” على حد وصف الناقدة السينمائية آبي أولسيزي.

هذا العمل الفني أخرجه الأخوان آدم وآرون ني، وشارك في بطولته تشانينغ تاتوم، دانيال رادكليف، براد بيت، في إعادة للتجربة الرومانسية للمخرج روبرت زيميكيس والنجم مايكل دوغلاس، “رومسينغ ذا ستون” (Romancing the Stone)، التي رأيناها من قبل عام 1984، وربما نراها مرة أخرى في أفلام مغامرات قادمة.

 

تلعب بولوك في هذا الفيلم دور عالمة آثار (لوريتا سيج) التي تعاني فراغا عاطفيا بعد وفاة زوجها المفاجئة، فتتفرغ لكتابة الروايات الرومانسية المُشبَّعة باكتشاف أسرار مثيرة في أماكن بعيدة.

وبعد أن ظلت تستعرض على خشبة المسرح، مع العارض الرجولي الضخم آلان (تاتوم) ضمن جولات الترويج لمؤلفاتها، يأتي اختطافها من قبل الملياردير الشرير (رادكليف) الذي يأخذها إلى جزيرة غامضة لأنه مقتنع بأنها تستطيع إخباره عن الكنز القديم هناك، مما يُجبر آلان المُستهتر على أن يتشجع ويكون البطل الجريء الذي تحلم به لوريتا لإنقاذها.

في خلطة مدتها 112 دقيقة، يصفها بيتر برادشو، الناقد الفني بصحيفة “غارديان” بأنها تحتوي على “قدر كبير من الراحة والبهجة، في مغامرة رومانسية ساحرة، تزخر ببعض الخطوط الرائعة، والعروض المُسلية”.

4 شخصيات متناقضة

تلفت الناقدة السينمائية كلاريس لوغري الأنظار إلى كيفية جمع الأحداث بين تاتوم، الذي قضى حياته المهنية ممثلا، في لعب دور “الهيمبو” (The himbo) (وصف رجل عملاق ولكنه فارغ، أو شاب وسيم يجذب النساء، ويعطي صورة إيجابية للرجولة في الظاهر لكنه في حقيقته ساذج أو غبي ومخيب للآمال، وإن كان طيب القلب ويهتم بالآخرين) سواء في فيلم “21 جمب ستريت” (21 Jump Street) عام 2012، أو أفلام “ماجيك مايك” (Magic Mike) وصولا إلى هذا الفيلم.

ونقيضه المثالي، في شخص لوريتا (بولوك) التي تبدو وكأنها “مومياء بشرية” لكنها تجسد شخصية النساء الذكيات المغامرات، اللائي يقدمن أفكارا يمكن الاعتماد عليها، ولا يمنعهن الفقد من ملء فراغ الحياة بروح الإبداع والمغامرة.

لاستكشاف الكيمياء المتصاعدة بينهما، من بين جحيم مكائد الشاب الجشع غير المحبوب، المستكشف الثري، أبيجيل فيرفاكس (رادكليف) الذي يُصر على أن كُتب لوريتا تحمل في طياتها مفتاح العثور على كنز تاج النار، المدفون بين أنقاض المدينة المفقودة، بمكان عميق تحت جزيرة بركانية في المحيط الأطلسي، ويستميت للاستيلاء عليه، قبل أن يثور البركان ويغطي كل شيء.

وإلهام المُنقذ، جندي البحرية السابق، جاك ترينر (بيت) معلم التأمل الممتلئ حيوية الذي ظهر فترة وجيزة، بلمساته الخاصة، كنموذج للرجل القوي الذي تم استئجاره للعثور على لوريتا في البداية.

مغامرات دون بطل خارق

يُصنف الناقد لو توماس “المدينة المفقودة” كفيلم مغامرات من الدرجة الأولى، “رغم غياب البطل الخارق”. فالأحداث غالبا تدور “في إطار كوميدي مُدهش” لحرص الأخوين المخرجين آدم وآرون ني، الذين تشاركا كتابة السيناريو مع أورين أوزيل ودانا فوكس، على تضمين العاطفة والفكاهة في التفاصيل، حول ثنائي غير متجانس، ساقتهما الأقدار إلى مكان غريب وهما “لوريتا” التي تلعب دور امرأة تعاني من الوحدة والملل لكنها تتسم بالحذر والتشدد في تحقيق الإنجازات، وتكتب روايات رومانسية مليئة بالإثارة، بينما حياتها تخلو منها، و”آلان” ذلك الطائش الجميل الذي كان “مجرد صورة تظهر على أغلفة كُتبها”.

وما أن يتم اختطافهما معا، من قبل الملياردير غريب الأطوار، والهبوط بهما في غابة الدومينيكان المذهلة، وسط مخاطر عالية تكفي لجذب الانتباه، قبل اقتيادهما إلى جزيرة استوائية، للبحث عن غطاء الرأس الألماسي الموصوف في كتابها الأخير، والمفقود منذ زمن طويل، حتى يبدأ آلان في البحث عن ذاته، في محاولة لإثبات أنه أكثر من مجرد وجه جميل، والتعبير عن ضيقه بمن يعتقدون أنه “جسد ضخم متردد وغبي، وغير مُجد” خاصةً لوريتا التي يدفعها التطور في شخصية آلان للتوقف عن الاستخفاف به، وتحسين نظرتها له.

“وبعد أن يضيعا في تلك الجزيرة الصغيرة، يظلا يتشاجران كثنائي حلو وشائك، حتى يتقاربان ويترابطان، في خضم محاولتهما البحث عن الأمان” كما تقول الناقدة هيلين أوهارا التي تشبه الفيلم ببذلة بولوك -المتأرجحة على “الكاريزما” والموهبة الكوميدية- “متألقة ورائعة لكنها تافهة تماما”.

إجازة منعشة ساعتين

أحد الأسباب التي جعلت الناقد المخضرم بيتر ديبروج يتحمس لهذا الفيلم، رغم توقعاته بأنه لن يترشح لأي جوائز أوسكار “أن مشاهدته منحته إجازة منعشة لمدة ساعتين، لم يأخذ فيها شيئا على محمل الجد، وهو يتابع مزاحا حلزونيا بين بولوك التي تركض في جميع أنحاء الجزيرة مرتدية الكعب العالي، وتاتوم الذي يفقد ملابسه باستمرار” من خلال التناوب بينهما على من منهما ينقذ الآخر.

وهو نفس فحوى ما ذهبت إليه مانوهلا دارجيس الناقدة السينمائية بصحيفة “نيويورك تايمز” عندما وصفت الفيلم بأنه “كوميديا ​​غبية مُبهجة، تكونت من مجموعة نكات بين عدد من النجوم في موقع استوائي، ورصاص يتطاير دون أن يصيب أهدافه غالبا”.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *