منذ ظهوره يميل ويجز إلى تجريب عدة أنماط مختلفة من الموسيقى (الفرنسية)

منذ ظهوره يميل ويجز إلى تجريب عدة أنماط مختلفة من الموسيقى (الفرنسية)

انتظر “ويجز” نحو 6 أشهر منذ إطلاق أغنيته “البخت” في 26 فبراير/شباط الماضي، ليعرض أغنيته الجديدة “أميرة”، والتي تصدرت قائمة الفيديوهات الأكثر رواجا على يوتيوب بعد عرضها في 25 أغسطس/آب الماضي، فتخطت 4 ملايين مشاهدة خلال أيام قليلة.

وهذه ليست المرة الأولى لأغنيات مؤدي الراب المصري أحمد علي الشهير بـ”ويجز” في احتلال مراتب متقدمة داخل قائمة الأعلى مشاهدة “ترندينغ” على منصة يوتيوب؛ فقد ظلت أغنيته السابقة “البخت” في نفس القائمة لمدة 3 أيام متتالية، قبل أن تحقق أكثر من 139 مليون مشاهدة، وهي أكثر أغنيات “ويجز” استماعا -حتى الآن- عبر قناته الرسمية وفق عدّادات يوتيوب، ومن الممكن للأغنية الجديدة “أميرة” أن تسير على خطى سابقتها في مرات الاستماع، إذ إنها سارت على نفس النهج من حيث اللون الموسيقي وموضوع الكلمات.

 

ويجز يغير جلده

وتشابهت ردود الفعل على أغنية ويجز الجديدة “أميرة” مع ردود الفعل على “البخت”؛ فالبعض لم يتقبلها، والبعض عبّر عن تفضيله لويجز “الرابر” بدلا من مغني البوب، وآخرون اعتبروا الأغنية جزءا ثانيا لـ”البخت”، التي لم تعجبهم في بادئ الأمر ثم كرروا الاستماع إليها حتى حققت هذه الملايين من المشاهدات، ثم ردّ ويجز عبر “ستوري” (قصة مصورة على إنستغرام) نشرها بحسابه الرسمي، طالب فيها الجمهور بعدم توجيهه أو فرض آرائهم عليه، وقال فيها “محدش يقولي انت تعمل أو متعملش ايه في حياتك، اتبسطوا وسيبوني أتبسط”.

ومع صدور أغنية “أميرة” يبدو أن الشاب المصري يمر بمرحلة تغيير جلد، تمثل مرحلة مختلفة عما طرحه منذ ظهوره على ساحة الأغنية الشبابية، وهو ما يظهر في الكلمات واللحن وما أكدته الأغنية الجديدة، وما أثارته بين جمهوره المعتاد على أسلوب معين، ثم يجد حالة مختلفة عما تعوّد عليه.

وفي كلمات أغنية “أميرة” يبدو أن الشاب أحمد علي ابن الـ 24 عاما، يعترف بما طرأ عليه من تغيرات، “أنا مش زي امبارح، طمعت في الحاجات، من إمتى كانت فارقة لي، غير لما الأميرة جات”، وهي تغيرات منطقية في مرحلته العمرية، (منتصف العشرينيات)، إذ ينظر للمستقبل ومسؤولياته بقلق، ويتطلع لجمع ثروة. وهي خطط تشاركه فيها شريحة كبرى من أبناء الجيل “زد”، بعد فترة طويلة من فورة الشباب والتبجح والصراع على المكانة، التي عبر عنها في كلمات أغاني “التراب” مثل “ولاد البحر ملوك الليل”، والتي صاحبها فترة طويلة من البقاء “خفيف الظل والجيب”، وهذه التغيرات ربما تفسر ظهوره في كثير من الإعلانات والدعايات التجارية مؤخرا، وربما تفسر تمهّله في إصدار الأغنيات عبر يوتيوب لصالح الحفلات الحية السابقة في باريس ولبنان في سبتمبر/أيلول الجاري.

وهذه التغيرات السريعة هي سمة هذا الجيل الذي ينتمي له “ويجز”، وينتمي له جمهوره أيضا، إذ يتصف بالسرعة في التطور، والرغبة في التجريب والمرونة في تغيير وجهات النظر والتكيف مع الظروف الجديدة، ولأنه يملك القدرة والجرأة على تجريبها والتعبير عنها والإفصاح بها في أغنياته، يجد صدى هذا التعبير الحر في توسع شريحة جمهوره، واكتساب جمهور أكبر ومشاهدات ومرات استماع أكثر.

 

 

لاعب يميل إلى التجريب

منذ ظهوره يميل ويجز إلى تجريب عدة أنماط مختلفة من الموسيقى؛ ما بين المهرجان والراب والتراب ومؤخرا البوب، الذي أثار تعجّب جمهوره؛ ففي أولى تجاربه لإنتاج ألبوم كامل تنوّعت التراكات ما بين موسيقى الهاوس في “ماريجوانا” والراب في “ساليني“، والمهرجان في “خربان“، وفي كل هذه التجارب كان “الأوتوتيون” حاضرا بقوة بتأثيراته في صوت ويجز، حتى جاءت تجربته الفارقة “باظت” وهي أغنية تراب واضحة، وذات كلمات ساخرة تحمل روح العصابة التي تتحدى عصابة أخرى، وهو ما يمثل صراعا بينه كمؤدٍ ومؤدٍ آخر غير مصرح باسمه في الأغنية لكن المتابعين يعرفونه.

وظهر في “باظت” أحمد علي داخل مرآب سيارات “كراج” بشخصية مختلفة عن أغنياته السابقة الحادة والجادة، فكانت شخصية شاب خفيف الظل، بنى موسيقى التراك على “نبضة” بسيطة، وجاءت الكلمات على نفس القدر من خفة الظل اعتمادا على “إفيهات” من الثقافة الشعبية الجديدة لجيل الألفية مواليد ما بين 1982 و1994، والجيل “زد” مواليد ما بعد 1994.

وكانت “باظت” تجربة فارقة، إذ حققت ملايين المشاهدات في أقل من شهر، وتم استخدام موسيقى وثيمة الأغنية في إحدى الدعايات التجارية، لينتقل ويجز من فئة الرابر محدود الشهرة إلى الرابر الشهير، محققا انتصارا واضحا على زميله القديم ومنافسه الجديد مروان بابلو.

 

ويجز الونش المعتد بنفسه

في يناير/كانون الثاني عام 2020، لم يكن الشاب المصري يحظى بهذا القدر من الشهرة، حين طرح أغنيته “بالسلامة“، لكن التراك الذي حقق أكثر من مليون مشاهدة في أقل من شهر، كانت على قدر الجودة التي ساعدته في تحقيق نجاح أكبر مما اعتاده ويجز الذي بدأ عشرينياته مؤخرا، إذ يحفظها الشباب من جيله ويرددون معه كلماتها في حفلاته الحية، كما رفعته لشريحة جديدة في مشاهدات يوتيوب.

وكانت “بالسلامة” أغنية “تراب” نموذجية، على صعيد الكلمات والرتم، فالكلمات تقارب كلمات أغاني “التراب” في موطنه الأصلي الأميركي، لكن بقاموس يدور حول ذاته، وصراعاته مع أقرانه من مغني التراب في “السين” (Scene) أو بالمشهد الغنائي العام.

عنفوان أحمد علي

بجمل مثل “فحزامي سلاحي، ولاد البحر ملوك الليل، ويجز الونش أرفعكم كلكم بنش”، يتجلى العنفوان في إصدارات ويجز، فهو “بابا الجيهة في أي جيهة”، و”دبابات ع الكباسات”، وكذلك وارث كافكا وقائد مافيا، في “دورك جاي” الأكثر استماعا من بين أغنياته.

 

وبعد نجاحه في “دورك جاي” تمت الاستعانة بويجز لغناء أغنية فيلم “الغسالة” بطولة محمود حميدة وأحمد حاتم، وجاءت أغنيته “الغسالة” بمزيج ما بين الراب والمهرجان، لكنها لم تكن آخر محاولاته للخروج من حيز جمهور الراب المعتاد لجمهور أكثر شعبية، إذ توالت بعد ذلك الإعلانات التجارية التي شارك بها، فقد شارك حسن شاكوش في دعاية أحد تطبيقات التوصيل بأغنية “سالكة“، كما شارك نجم منتخب مصر محمد الشناوي في دعاية إحدى المنتجات الغذائية، ومؤخرا شارك المخرج والممثل ومغني الراب أحمد مكي في إعلان لإحدى شركات الاتصالات المصرية، وكذلك شارك في إعلان لإحدى شركات المياه الغازية مع اللاعب المصري ونجم فريق ليفربول الإنجليزي، في دلالة واضحة على مرحلة جديدة في مساره الموسيقي ليصبح صوتا رسميا للجيل “زد”، الذي تستهدفه الإعلانات بطبيعة الحال، كما تعد شهادة على تحقيقه انتشارا داخل دوائر أوسع من الجمهور الاعتيادي لأغنيات الراب.

 

المستهزئ والمتردد

تحفل أغنيات ويجز المعتادة بعنفوان وانطلاق يليق بمرحلته العمرية (نهاية المراهقة وأوائل العشرينيات)، وهي السمة الأساسية في غالبية أغانيه التي حققت شعبية بين جمهوره، ليس فقط من فئته العمرية من الجيل “زد”، بل حتى الجيل الأكبر منه من أبناء الألفية، فإلى جانب الطابع التقليدي لأغنيات الراب والتراب، بدأ يطرق ويجز مساحات أخرى من الأغنيات يعبر فيها عن أفكاره وطموحاته التي يشاركه فيها نسبة كبيرة من أبناء جيله، ومن أبناء طبقته المتوسطة، بقاموس لغوي متنوّع بين لغة الشارع الإسكندري حيث نشأ، والعاميّة المصرية المعتادة، وحتى بكلمات عربية فصيحة، في حين يجرب أنماطا موسيقية متنوعة ما بين المهرجان والراب والدريل، وهو ما برز بشدة في أغنيات مثل “باظت” و”ساليني” و”واحد وعشرين” وحتى “عفاريت الأسفلت”، وفيها كلمات معتدة متبجحة، وأخرى ساخرة مستهزئة، وثالثة متحسرة مترددة، وهو بذلك يختلف عن بقية أقرانه من مغني الراب المحصورين داخل عالم واحد من الصراع وإثبات الجدارة في مواجهة “الخصوم”.

هل ويجز مفهوم؟

في لقاء سابق على يوتيوب، ظهر ويجز يحمل أفكاره المتسارعة وأقوال حرة. حيث كرر أحمد علي “ويجز” عبارة “فاهم قصدي” كثيرا خلال اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعة، فيما تبدو لازمة كلامية توحي بعدم ثقته في قدرة الآخرين على فهم ما يقوله وما يفكر به، كما عبّر عن محاولته لفهم ما يحدث دائما، لكنه لا ينشغل كثيرا بالآخرين، ويدرك أن كلامه غير مفهوم دائما، لكنه يعبر عنه مهما كان، وهو ما يظهر واضحا في كلمات أغنياته التي يكتبها بنفسه.

مقاطع طويلة ولغة خاصة تحتاج في أحيان كثيرة لشرح معانيها للجمهور، كما تثير تساؤلاتهم حولها، لكنها تحمل معاني وتأويلات يمكن ترجمتها بحسب كل مستمع لها. وهو كذلك يسعى للفهم دوما ولا يخشى من تجربة أمور جديدة، فقد جرّب التمثيل في مسلسل “بيمبو” ويبدو أنه لاقى استحسانا كبيرا. كما خاض تجربة الإعلانات، إلى جانب مشاركاته على منصات التواصل الاجتماعي بدون خشية ردود الفعل، كما عبّر عن أنه يضع أهدافا، لكنه لا يخطط لمدة زمنية أطول من شهر، ويبدو أن هذه الوصفة تنجح معه، فقد حقق نجاحا وشهرة خلال فترة زمنية قصيرة، وربما ينجح في المستقبل في مد مساحة شهرته إلى التمثيل بعدما حققه في مجال التراب.

المصدر : الجزيرة

About Post Author