في مقابلة له الاثنين الماضي مع ستيفن كولبير في برنامج “ذا ليت شو” (The Late Show) على قناة “سي بي سي” (CBC) الأميركية حول مشاركته في فيلم “زعتر الجبل البري” (Wild Mountain Thyme)، فجر كريستوفر والكن النجم الأميركي الحائز على جائزة أوسكار مفاجأة عندما أخبر كولبير قائلا “لقد جاء أحدهم وساعدني لأظهر معك على الإنترنت لأنني لا أملك هاتفا خلويا أو حاسوبا”.

وأضاف أنه لم يرسل يوما رسالة نصية أو بريدا إلكترونيا لأي أحد، “فقط عند البدء في تصوير فيلم جديد فإنهم يعطونني هاتفا ليتمكنوا من العثور عليّ”.

لكن هذا ليس بمستغرب من والكن (77 عاما)، الذي اشتهر بالتركيز الشديد في أدواره المتنوعة التي أكسبته شعبية واحتراما نقديا دائمين، بدءا من دوره في فيلم “آني هول” (Annie Hall /1977)، ثم دوره في فيلم “صائد الغزال” (The Deer Hunter /1978)، وهو الدور الذي اقتنص به الأوسكار. كذلك دوره في فيلم “أمسكني إن استطعت” (Catch Me If You Can /2002)، الذي رُشح عنه لجائزة أوسكار أيضا.

أمسكني إن استطعت

فيلم أخرجه ستيفن سبيلبرغ عام 2002، ورُشح لجائزتي أوسكار، وشارك فيه كريستوفر والكن النجم ليوناردو دي كابريو (فرانك جونيور)، المراهق الذي غادر منزلا محطما نحو عالم الانتحال والاحتيال، بعد أن عاش طفولة سعيدة بين أبوين متحابين، لانفصال أمه الفرنسية باولا (ناتالي باي) عن أبيه رجل الأعمال الفاشل الذي لعب والكن دوره بكآبة طاغية على الشاشة، بعد أن حطمته الضرائب، ولم تسعفه قيم الطبقة الوسطى والحلم الأميركي لتوفير الحياة التي كانت تطمح باي أن تعيشها معه، منذ أن التقيا أثناء خدمته العسكرية في أوروبا.

 

فهربت من فشله إلى أحضان رجل أعمال أكثر نجاحا (جيمس برولين)، مما خلق حافزا إضافيا لمسيرة فرانك الإجرامية، لاسترداد مستوى المعيشة الذي فقده والده المحتال هو الآخر، والذي تلاحقه تهمة الاحتيال الضريبي، أو ليدبر مالا كافيا يمكنه من إعادة لمّ شمل والديه على الأقل.

شكلت الكيمياء المشحونة للغاية بين دي كابريو وكريستوفر والكن محورا رئيسيا في الفيلم، وضمنت لنا واحدا من أقوى العروض وأكثرها تعاطفا على الشاشة، للتناغم المبهر في أدائهما كأنهما يتشاركان في نفس جينات الزواحف الملساء.

نرى فرانك يتلقى بشغف دروس والده في الخداع والرشوة والكلام المعسول، وهو يكرر له على مائدة العشاء حكايته الأسطورية عن فأرين يقعان في وعاء من الكريم، فيغرق أحدهما فورا، في حين يخوض الآخر صراعا شرسا حتى يتحول الكريم إلى زبدة فيخرج منها.

 

الرباعية المتأخرة

في فيلم “الرباعية المتأخرة” (A Late Quartet) الذي أخرجه وشارك في كتابته يارون زيلبرمان عام 2012، نرى بيتر ميتشل (كريستوفر والكن) عازف التشيلو، الشخصية الأبوية الهادئة والعضو الأكثر تأملا وحكمة والأعمق تفكيرا في فرقة رباعية وترية عالمية من الموسيقيين الكلاسيكيين، مقرها مانهاتن، وهو يلاحظ ضعفا في أصابع يده اليسرى.

 

وبعد أن يخبره الطبيب أنه في المراحل المبكرة من مرض الباركنسون، يقرر أن يكشف هذا بهدوء لزملائه الموسيقيين. فينزل عليهم الخبر كالصاعقة، ويتحول إلى قنبلة تقطع الوتيرة الثابتة لعملهم، وتكشف عن المشاكل الشخصية التي ظلت كامنة بينهم على مدى ربع قرن من حياتهم المهنية معا.

في هذه اللحظة وطوال الفيلم، يذكرنا كريستوفر والكن بأنه ممثل دقيق، حاد الذكاء وشديد التركيز، سواء وهو يتحدث لتلاميذه عن الوقت في الموسيقى والحياة، أو عن الاستمرارية والدائرية والخلود. ويمضي ليشير إلى أن هذه الرباعية المتأخرة لديها 7 حركات بدلا من الخمس المعتادة، وأن بيتهوفن طلب أن تُلعب من دون توقف بين الحركات. أو عندما يؤدي المشهد الذي يعزف فيه بيتر دور الوداع الأخير، فيفعل ذلك بطريقة أكثر من رائعة، تُظهر العمق والكرامة الكبيرة في شخصيته.

صائد الغزال

هذا الفيلم الذي أخرجه وشارك في كتابته مايكل سيمينو عام 1978، وحصد 5 جوائز أوسكار، يتمحور حول تجارب 3 من الأصدقاء، جميعهم من أصل روسي، هم مايك (روبرت دي نيرو) ونيك (كريستوفر والكن) وستيفن (جون سافاج)، حيث يتم أسرهم في حرب فيتنام ويراهن آسروهم على من سيفجر أو لا يفجر دماغه، في لعبة “الروليت الروسي”.

يقوم والكن صاحب الوجه اللطيف الذي تحبه الكاميرا بدور ذكوري مرعب يجعلك تدرك مدى قدرته على التنقل بين الشخصيات. يعتبر فيه أن مهنة الصياد مهنة صرامة ورجولة، وأن موت الغزلان هو عمل نبيل، ويتبنى الوطنية الطائشة، ويعاني الآثار اللاإنسانية للحرب، ويتحول إلى آلة خيالية مؤثرة تفطر القلب وهو يجسد بأدائه معاناة حرب فيتنام، حيث تتغلغل فكرة التضحية في كل شيء، إلى جانب القسوة والرعب، وخصوصا بعد أن ينجو دي نيرو، ثم يعود إلى سايغون في محاولة لتحريره، فيفاجأ به يلعب الروليت الروسي مخدرا مقابل رهانات عالية يخسرها في النهاية. لكنه دور مثّل تحديا يستحق العناء، بدا فيه كريستوفر والكن موهوبا وغير عادي وسط النيران.

المصدر : مواقع إلكترونية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *