هل اشتكى طفلك من الخوف من الظلام والوحوش عند وقت النوم، أو استيقظ ليلا رافضا الوجود في غرفته بمفرده؟ لا تقلقي، الأمر شائع حول العالم ولا يقتصر على الأطفال فقط، فقد يعاني منه المراهقون -بل البالغون أيضا- رغم إدراكهم أن الأمر ليس حقيقيا.
وفي الحقيقة ليس هناك شبح مختبئ تحت السرير، والوحيدة التي رأت الوحوش حقا في خزانة ملابسها هي الطفلة “بو” من فيلم ديزني “شركة المرعبين المحدودة” (Monsters, Inc). وهناك عدة أسباب تجعل أطفالنا قلقين من الأشباح التي في خيالهم، ويمكننا بطرق بسيطة مساعدتهم للتغلب على هذه المخاوف.
خوف من الليل
نشرت المجلة الدولية لعلم النفس الفسيولوجي عام 2015 دراسة تفيد بأن خوف الأطفال وقت النوم لا يكون من الظلام، بقدر خوفهم من الليل نفسه.
كما يلعب القلق الذي يشعر به الأطفال خلال وقت النوم دورا في تغذية خيالهم، وفي ظنهم أن هناك خطرا ما.
وقد يتجسد هذا الخطر في صورة الأشباح لأسباب مختلفة؛ من ضمنها الثقافة الشعبية التي تتناول قصصا متعددة في الكتب والأفلام والرسوم المتحركة عن مخلوقات غريبة المظهر ولها قوى خارقة وتخيف البشر.
وتختلف دوافع الخوف باختلاف سنّ الطفل، ويمكن تقسيمها إلى 3 مراحل عمرية:
الأطفال الصغار
يخاف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و3 أعوام غالبا من أي شيء غير مألوف لهم، وقد يدفعهم ذلك إلى البكاء.
ما قبل المدرسة
يتمتع الأطفال بين سن 3 و5 سنوات بخيال حي يغذي مخاوفهم، ويشعرون بالخطر من مخاوف من صنع خيالهم، إذ هم لا يقدرون بعد على فصل الواقع عن الخيال.
في سنّ المدرسة
خلال سنوات المدرسة، تصبح المخاوف واقعية أكثر؛ مثل الخوف من العواصف الرعدية، كما قد تستمر معاناة البعض من القلق أثناء النوم.
كيف تساعدين طفلك؟
بقدر ما يعتبر الخوف من الأشباح شيئا غير منطقي، فإنه خوف حقيقي لا يمكن تجاهله. وفيما يأتي بعض الإستراتيجيات التي تساعد في تخفيف مخاوف طفلك:
صادقي على مشاعره
قد تبدو مشاعر الطفل غير منطقية، لكنها حقيقية، وتكذيبها قد يشعر الطفل بأنك ترفضين مشاعره، لذلك بدلا من قول “لا تخف”، يمكنك القول “أعلم أنك تشعر بالخوف”، لطمأنته أنك تصدقينه، ولا بأس من الشعور بالخوف.
شجّعيه على التعبير بالرسم
شجعي طفلك على التعبير عما يراه في مخيلته بالرسم، مثل رسم صور الوحوش التي يخشها، إذ يمنحه ذلك وسيلة أخرى للتعبير عن نفسه بصورة أوضح.
انظري معه تحت السرير
البحث في الأماكن التي يعتقد الطفل أن الوحوش تختبئ فيها يساعده على مواجهة مخاوفه وجها لوجه.
قبل إغلاق النور ليلا، يمكنك سؤال طفلك عما إذا كان يريد النظر تحت السرير وأنت معه، واستخدمي كشافا للبحث في كل مكان، والتأكد من خلوه.
صالحيه مع الظلام
القيام بشيء ممتع مع الطفل في الظلام يساعده على تقليل مخاوفه منه، وأنه ليس كما يتخيل.
يمكنك قراءة قصص وقت النوم باستخدام مصباح يدوي، أو مشاركته النظر إلى السماء ومشاهدة النجوم والقمر والتحدث عن جمالها وأنها تظهر في الليل فقط.
امنحي طفلك بعض التحكم
اسألي طفلك عما يمكن أن يساعده للتغلب على خوفه، وسواء كانت حلوله هي النوم إلى جانب حيواناته المحشوة، أو ارتداء بيجاما الأبطال الخارقين، فاستعدي لمسايرة اقتراحاته إذا كانت ضمن حدود المعقول.
ذلك الشعور يمنحه بعض السيطرة ويهدئ من خوفه، كما يساعده على تعلم حلّ المشكلات.
راقبي ما يشاهده طفلك
انتبهي بشدة لما يشاهده طفلك من أفلام ورسوم متحركة، ولا سيما ما يتضمن العنف منها أو أي شيء مخيف، إذ تعدّ من أكبر المساهمات في تغذية خيالهم، وخاصة قبل وقت النوم مباشرة.
هيئي روتينا مهدئا لوقت النوم
يمكنكِ جعل الاستحمام أو قراءة القصص الهادئة أو بقاء الطفل لبعض الوقت في حضن أبيه وأمه من روتين ما قبل النوم، وذلك لتهدئة الطفل وزيادة شعوره بالأمان والدفء.
استعيني بقصص التغلب على الخوف
وجدت دراسة أجريت عام 2015 أن قراءة القصص عن التغلب على مخاوف الظلام قللت من مخاوف الليل لدى الأطفال.
احذري هذه السلوك
هناك بعض الإستراتيجيات التي قد تأتي بنتائج عكسية مما يؤدي إلى تفاقم مخاوف طفلك، إليكِ بعض الأشياء التي عليكِ تجنبها:
- لا تسخري منه: السخرية من مخاوف طفلك يمكن أن تفاقم أزمته وتشعره بالخزي، ولذلك تجنبي إحراجه والتقليل من مشاعره بقولك “لا تبالغ”، أو اتهامه بأنه “طفل صغير”، أو نهره إذا كان صبيا لأنه “رجل ويجب ألا يخاف”. وبدلا من ذلك ذكّريه بأشياء أخرى كان يخاف منها وتمكن من التغلب عليها؛ لتعزيز نقاط قوته وثقته بنفسه.
- لا تجادليه بالمنطق: الأطفال -والكبار أيضا- لا يمكن مناقشتهم بالمنطق والعقل وهم في حالة عاطفية، ولذلك لا تهدري طاقتك في محاولة إقناع طفلكِ وهو خائف بأن الوحوش أسفل السرير غير منطقية، وبدلا من ذلك، أظهري له تعاطفك. وتذكري أن العديد من مخاوف البالغين وحالات الرهاب لا تستند بالضرورة إلى المنطق والحقائق؛ مثل الخوف من التحدث أمام الجمهور.
- لا تبتعدي عنه: عقاب الطفل على خوفه بالابتعاد عنه أو عزله في غرفته سيزيد من ذعره، وربما لن تكون الكلمات وحدها كافية لتهدئته، ولذلك حاولي احتواءه في لحظات ضعفه من خلال الاقتراب منه واحتضانه، إذ يؤكد الاتصال الجسدي لطفلك أنكِ تحمينه وأن الأمور تحت سيطرتكِ.
وفي أغلب الحالات، يتلاشى الخوف من الوحوش والأشباح تدريجيا مع نضوج الطفل، وهذا لا يعني أن الخوف من الظلام سيختفي تماما، فمن الطبيعي أن يظل الأطفال الأكبر سنا خائفين بعض الشيء من الظلام.