اقترح السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن يتم اعتماد اتفاقيات أجرتها دول للتشارك في أنهار دولية وتقاسم إدارة مواردها، كمرجعية قانونية للتفاوض بين إثيوبيا ومصر والسودان للتوصل إلى حل بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، والتي يرى أن حلها يتطلب تقدم حكومة أديس أبابا بمشروع اتفاق تتم مناقشته والتفاوض حوله بين حكومات الدول الثلاث.
وأكد هريدي -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/3/30)- أن التصريحات المصرية المتكررة بشأن أزمة السد، لا تعني معارضة استكمال بنائه، وإنما تأتي في إطار مطالبة بلاده الحكومة الإثيوبية، بالجلوس مجددا على مائدة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق حول إدارة سد النهضة، وخصوصا في موسم الجفاف.
يأتي ذلك على خلفية تشديد إثيوبيا رفضها ما أسمته محاولات مصر تدويل ملف سد النهضة، وتأكيدها على أن قضايا النيل ملف خاص بدول الحوض، وأن عمليات تعبئة السد لم تلحق أي ضرر بدولتي المصب مصر والسودان، في الوقت الذي حذرت فيه القاهرة مما وصفته بتحركات إثيوبيا الأحادية، معتبرة إياها خرقا للقانون الدولي.
ولا تزال الهوة العميقة في الخلاف الدائر بين مصر وإثيوبيا بشأن مسار تشغيل سد النهضة مستمرة، فكلما بلغ ذلك المسار محطة جديدة من تعبئة خزان المياه، نشطت المواقف والمواقف المضادة، والتي لا تتوقف عند التفاصيل التقنية، بل تتجاوز ذلك إلى الإطار الذي يريد كل طرف وضع الأزمة ضمنه.
فبينما تحرص أديس أبابا على أن ينفرد الاتحاد الأفريقي بالوساطة بين أطراف الخلاف، ترى مصر أن عمق المشكلة يستدعي إطارا أمميا ودوليا أوسع لتطويقها وحلها قبل فوات الأوان.
ويقول السفير هريدي، إنه إذا كانت أديس أبابا مستعدة للمفاوضات، فيمكن اعتماد اتفاقيات دولية للمشاركة في الأنهار الدولية كمرجعية، مشيرا في هذا الإطار إلى 3 معاهدات دولية يمكن الرجوع إليها، وهي معاهدة مياه “نهر السند” بين باكستان والهند، ومعاهدة تقاسم نهر السنغال، ومعاهدة حوض نهر كولومبيا، بين أميركا وكندا.
وأكد أن الاتفاق حول إدارة سد النهضة لا يمثل انتهاكا للسيادة الإثيوبية من قريب أو بعيد، كما أنه لا توجد خصومة مع أديس أبابا، مشددا في الوقت ذاته على أن الخيار العسكري ليس ضمن خيارات مصر المطروحة، والتي تنحصر حسب تقديره في البدائل المنصوص عليها في مواثيق الأمم المتحدة.
وعن رؤيته للحل، قال إن ذلك يتم بتقدم الحكومة الإثيوبية بمشروع اتفاق -عبر رئاسة الاتحاد الأفريقي- وتتم مناقشته والتفاوض حوله بين الحكومات الثلاث المصرية والإثيوبية والسودانية.
رفض وتساؤل
في المقابل، قال محمد العروسي، النائب في البرلمان الفدرالي الإثيوبي، إن بلاده لن تقبل بالجلوس على مائدة مفاوضات مع مصر والسودان برعاية دولية، تستهدف اعتماد اتفاقيات أو معاهدات أخرى كمرجعية قانونية لحلحلة الخلافات القائمة بينهما بشأن أزمة سد النهضة.
وتساءل عن سبب تجدد إثارة مسؤولين مصريين لقضية السد مع كل محطة موسمية، كما الحال مع الإعلان عن التعبئة الرابعة، رغم التوافق المسبق على تلك المحطات من قبل اللجان الفنية للدول الثلاث، والذي لم تخرج عنه أديس بابا.
وأضاف العروسي “إثيوبيا لا تزال تؤكد أن السد مصدر حياة للأشقاء في مصر والسودان، ونحن لا نختلف ولا نمانع من تقديم القاهرة أي مخاوف منطقية، لكن نمانع ونرفض المبالغة في توصيف القضية للعالم، ومحاولة تدويل الأزمة، عبر الادعاء بأن السد مصدر للأذى والخراب والدمار”.
واستنكر في حديثه لما وراء الخبر “التلويح” باتخاذ إجراءات من شأنها الإضرار بالسد والاعتداء على الأمن القومي الإثيوبي، معتبرا تصريح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بأن جميع الخيارات مفتوحة أمام بلاده في أزمة سد النهضة، وأن كافة البدائل تظل متاحة، يأتي في ذلك الإطار.
وبرر رفض بلاده التجاوب مع مطالب مصر، العودة لطاولة المفاوضات، إلى أن “الأشقاء في مصر يجلسون في واشنطن ثم ينادون على إثيوبيا رغم وجود اتفاق سابق على أن تكون المنظومة الأفريقية هي الحاضنة والراعية لهذه المفاوضات”.
وأوضح “نتحدث عما توافقنا عليه في مفاوضات أبرمتها الدول الثلاث.. هناك اتفاقية إعلان مبادئ تمت في 2015 بندها العاشر ينص على أن الخلافات تحل عن طريق التوافق، وإذا لزم الأمر التدويل، لا بد أن يكون عبر التوافق بين الدول المعنية، لكن أن تفرض مصر الأجندة وتطالب إثيوبيا بقبول ذلك، هذا أمر لا يمكن قبوله”.
وأكد أن بلاده لا تعارض التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، على ألا يكون ثمنه السيادة والحقوق الإثيوبية.