علقت لوتان على السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 باعتباره لحظة هزت العالم وشكلت موجة صدمة من أجل البحث عن العدالة، ورأت أن العزلة التي وضع فيها إسرائيل أصبحت عزلة للغرب والديمقراطية بعد عام من الحرب والدمار.
وأوضحت الصحيفة -بافتتاحيتها- أن اللحظة التي بدأت فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجومها على إسرائيل سوف يسجلها التاريخ لأول مرة باعتبارها بداية لجريمة فظيعة، ولكنها ستبقى أيضا بمثابة اللحظة التي هزت العالم، وانقلب فيها العالم الفلسطيني رأساً على عقب، حيث أدى القصف الإسرائيلي على غزة إلى قتل أكثر من 40 ألف امرأة ورجل وطفل، وإلى دفع من لم يمت بالقصف والدمار إلى العيش في كابوس لا نهاية له.
مبارزة مأساوية
وبعد عام، يدخل لبنان منزعجا كضحية للسابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأن إسرائيل اليوم تتجه نحو الشمال، بالمعنى الحرفي والمجازي من خلال رغبتها في إعادة التأكيد على مصداقيتها الأمنية والعسكرية التي فقدتها قبل عام في الجنوب، بل تسعى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أبعد من ذلك، إلى إعادة صياغة الشرق الأدنى والأوسط.
وهكذا يجب أن نفهم اغتيال إسرائيل للعدو القديم حسن نصر الله زعيم حزب الله، حتى لو كان اختفاؤه يمثل في حد ذاته إنجازا للإسرائيليين. والآن، فإن تأثير الصدمة التي تعرض لها كيبوتس بئيري في 7 أكتوبر/تشرين الأول يتردد صداه في أماكن بعيدة مثل طهران وصنعاء. فإلى ماذا سيؤدي كل هذا بالنهاية؟ ولماذا؟ ولا أحد يعرف.
ورأت لوتان -في ختام افتتاحيتها- أن 7 أكتوبر/تشرين الأول وتداعياته ليس إلا نوبة مبارزة مأساوية تتكرر منذ 76 عاما بين شعب يخشى الزوال وآخر يكافح من أجل البقاء، مشيرة إلى أن القانون الدولي -الذي كانت سويسرا وصية عليه بموجب اتفاقيات جنيف- قد دُفن تحت أنقاض غزة.
وتابعت في تقرير آخر أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعد عام من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم يؤد إلى تهميش إسرائيل فحسب، بل أدى أيضا إلى توسيع الفجوة بين الدول الغربية ودول الجنوب، كما هو مشاهد مع كل تصويت جديد في الأمم المتحدة حيث يوشك ميزان القوى على الانقلاب.
وذكرت لوتان بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح أول قرار قدمته دولة فلسطين، وهو يدعو إلى انسحاب القوات الإسرائيلية في غضون 12 شهرا من الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية التي تعتبر محكمة العدل الدولية أن استعمارها غير قانوني.
وقد دان السفير الإسرائيلي ما سماه “الإرهاب الدبلوماسي” رافضا هذا النص، واصطفت خلفه 13 دولة فقط، أغلبيتها من الدول الصغيرة بمنطقة المحيط الهادي ومنطقة البحر الكاريبي، وإلى جانبها الحامي الذي لا يتزعزع: الولايات المتحدة ودولتان أوروبيتان ومثلهما من أميركا الجنوبية ودولة أفريقية واحدة هي ملاوي.
توسيع الفجوة بين الشمال والجنوب
ورأت لوتان أن هذا التصويت يمكن أن ننظر إليه باعتباره أحد أعراض الطريقة التي يعمل بها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على توسيع الفجوة بين “الغرب” و”الجنوب” مع قلب ميزان القوى.
وقد جسدت جنوب أفريقيا تمزقا آخر، عندما لجأت إلى محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة، ولأول مرة تلجأ دولة من الجنوب إلى هيئة قضائية دولية، ضد دولة منتسبة إلى معسكر الديمقراطيات الليبرالية، وهو تحول حظي بالترحيب في جميع أنحاء القارة الأفريقية وخارجها، وبدعم من القوى التي تقدم نفسها كبديل لهيمنة العالم الغربي من خلال إعادة تنشيط الخطاب المناهض للاستعمار.
وخلصت لوتان إلى أن الرأي العام الأوروبي، بعد مرور عام على السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصبح يزعزع الارتباط التقليدي بين القارة وإسرائيل، وأصبح مصير الفلسطينيين وتجاوزات الجيش الإسرائيلي موضوع نقاشات جديدة.
وقد أصبح الاتهام بالكيل بمكيالين محرجا، خاصة عندما تدان انتهاكات القانون الإنساني الدولي في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، دون إدانة الانتهاكات الإسرائيلية، حتى إن الانحياز إلى الدفاع عن مصالح إسرائيل لم يعد أمرا بديهيا، كما يُظهِر الآن تصويت أغلبية العواصم الأوروبية في الأمم المتحدة.