ليبراسيون: طوفان غير مسبوق من العقوبات ضد روسيا.. والنتائج مشكوك فيها
ذكر تقرير لصحيفة ليبراسيون الفرنسية (Liberation) أنه لا توجد دولة بضخامة روسيا قد تعرضت في التاريخ الاقتصادي الحديث لما تعرضت له موسكو من عقوبات شديدة منذ غزوها أوكرانيا قبل عام تقريبا، لعرقلة تمويل مجهودها الحربي، ولكنها مع ذلك تضاعف تقنياتها الالتفافية بدعم من حلفائها.
وأوضح التقرير أن أميركا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا واليابان استهدفت روسيا بـ 13 ألف إجراء عقابي، تشمل الطاقة وقطاعات المال والنقل والدفاع، وكان آخرها الحظر المفروض على استيراد المنتجات النفطية الروسية المكررة إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق البحر.
وقال إن أوروبا أخضعت ما يقرب من 1400 شخص و171 كيانا في روسيا لتجميد الأصول أو حظر دخول أراضيها، من بينهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف وعشرات من النواب والمقربين، وجمدت، حسب بعض التقديرات، 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي في الخارج.
العقوبات لم تحقق تأثيرها الكامل
ونسب التقرير إلى أغاث دوماري مؤلفة كتاب “النتائج العكسية” (Backfire) المخصص لتداعيات سياسات العقوبات، القول إن هناك عدة عوامل حالت دون تحقيق العقوبات تأثيرها الكامل، بينها أن “روسيا فعلت كل ما في وسعها منذ عام 2014 للتحضير لعقوبات جديدة ومحاولة استباقها”، إذ كدست ما يعادل 630 مليار دولار في خزائنها، وزادت مخزونها من الذهب واليوان والعملات غير الغربية.
وأشار التقرير إلى أن ما وفرته موسكو من احتياطي مالي، بحجم لم يسبق أن وفرته في تاريخها، سد عجز الموازنة الذي بلغ رقما قياسيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كما طورت موسكو نظاما منافسا لنظام الدفع الدولي “سويفت “(Swift) ساعدها على تخفيف صدمة انقطاع نظامها المصرفي، واستفادت من دروس تقنيات التحايل على الحظر المفروض على النفط الفنزويلي والإيراني التي أعطتها حلولا متكاملة للقيام بالمثل.
روسيا تكيفت مع العقوبات
وأورد التقرير أن العديد من المراقبين اعتقدوا أن روسيا ستتخلف عن سداد ديونها بسرعة، وأن الإنتاج الصناعي سينخفض بعد بضعة أشهر، لكن يبدو أن الفوضى التي وقعت في الأسابيع الأولى من الحرب قد انتهت، وأن صندوق النقد الدولي يتوقع ارتفاعا في النمو في البلاد، من -8.5% عام 2022 إلى -2.3% عام 2023، مما يعني أن الركود أقل حدة مما كان متوقعا.
وتقول دوماري إن “موسكو لم تتوقع عقوبات قوية مثل تلك التي تم وضعها، ولكنها تكيفت معها جيدا واستفادت بشكل أساسي من ارتفاع أسعار الطاقة”.
وبالفعل، كما تقول ليبراسيون، وجد الكرملين حاجاته من الصناعات الغربية الخاضعة للعقوبات عن طريق حلفائه في الصين وتركيا وكازاخستان والإمارات وإسرائيل، بل إن هناك “تباينات كبيرة” من دولة إلى أخرى في أوروبا بشأن الامتثال للعقوبات، بسبب الارتباط القوي لاقتصاداتها بروسيا.