ليبراسيون: هل فعلا تم التنبؤ على أساس فلكي بزلزال تركيا وسوريا الأخير؟
في الثالث من فبراير/شباط الحالي، نُشرت على موقع تويتر تغريدة تحذر من زلزال قوي سيضرب تركيا وسوريا والأردن “عاجلا أو آجلا”، وشاهد تلك التغريدة حتى الآن أكثر من 50 مليون شخص، لكن كثيرين منهم شككوا في جدية هذا “التنبؤ” بناءً على اعتبارات فلكية.
في ضوء تلك التغريدة والجدل المثار بشأنها، أعدت صحيفة “ليبراسيون” (Liberation) الفرنسية تقريرا بدأته بالسؤال التالي: “بعد الزلزالين الكبيرين اللذين ضربا تركيا وسوريا في السادس من فبراير/شباط 2022، وكان مركزهما في الأراضي التركية؛ هل يمكننا الآن القول إن التنبؤ بالزلازل أصبح ممكنا عن طريق مراقبة حركة الكواكب؟”
تقول الصحيفة إن هولنديًّا -يدعى فرانك هوجربيتس- كتب في حسابه بتويتر في الثالث من فبراير/شباط الجاري أن زلزالا بقوة 7.5 درجات على مقياس ريختر سيضرب المنطقة الجنوبية الوسطى من تركيا والأردن وسوريا ولبنان”، وأن الرجل نفسه قال عشية نشر تغريدته في مقطع فيديو على يوتيوب إن هناك خطرا بوقوع زلزال كبير في نحو الخامس والسادس من فبراير/شباط، بناءً على حسابات ذات علاقة بقوى جذب القمر والشمس وعطارد والمشتري.
وأضافت في صفحتها الخاصة بالتأكد من “صحة الأخبار” أن ثمة من رأى في ما فعله هذا الهولندي دليلا على إمكانية التنبؤ بالزلازل، وأن علم الفلك هو مساعد للجيوفيزيائيين جدير بالثقة، ومع ذلك -كما تقول الصحيفة- فإن تقدير أداء المتنبئ -مهما كان الذي تكهن به- لا ينبغي الاقتصار فيه على نجاح ذلك التنبؤ، بل يجب أيضا أن يؤخذ في الاعتبار نسبة ذلك النجاح مقارنة بجميع توقعات ذلك الشخص.
وهنا، لفتت الصحيفة إلى أن الشخص الذي يضاعف من التنبؤات قد يصادف قدرا فينجح تنبؤه، مشيرة إلى أنه في حالة هوجربيتس، ورغم أنه لم ينشر أبدًا مقالًا علميًا في مجلة علمية ذات شأن، فإنه ما فتئ وعلى طول السنة يعلن احتمال حدوث زلازل، وكان في كل مرة يذكر أنه توصل لذلك عبر اعتبارات فلكية.
لكن الصحيفة -في المقابل- تساءلت: هل يمكننا إذن أن نستنتج أنه لا يوجد جرم سماوي له تأثير على الزلازل؟ لترد بأن قوى الجذب التي تلعب بين الأرض والكواكب الأخرى في النظام الشمسي لا تأثير لها يذكر على الظواهر المعنية هنا، الأمر الذي جعل الباحثين المختلفين الذين قابلتهم الصحيفة يجمعون على أن مقاربة هوجربيتس -خاصة ادعاءه بأن ثمة تأثيرا خاصا لكوكب المشتري وعطارد على الظواهر في الأرض- تدخل في خانة “العلوم الزائفة”.
من ناحية أخرى، تقول ليبراسيون إن فكرة القوى المشتركة للقمر (القريب بشكل خاص) والشمس (الضخمة بشكل خاص) التي يمكن أن يكون لها تأثير هامشي -وهذه هي الكلمة المهمة- على الزلازل؛ ليست فكرة سخيفة في حد ذاتها.
وفي هذا الإطار، تحدثت الصحيفة عن دور “قوى المد والجزر” المنسوبة إلى القمر (وإلى حد أقل إلى الشمس) في تشوه طفيف للأرض الصلبة، وليست فقط الكتل المحيطية، في ظاهرة تُعرف باسم “المد الأرضي”.
وختمت الصحيفة بمسألة التنبؤ بوقت وقوع الزلازل، مؤكدة أن ذلك ما يزال غير ممكن، بل إن الصحيفة نقلت عن أحد الخبراء المختصين في الزلازل قوله إن “الأمر سيستغرق وقتًا طويلا، ربما عقودًا من الزمن، قبل أن نتمكن من إجراء أي تنبؤات زلزالية جديرة بالثقة”.