الكاتب: أميركا بادرت منذ بداية الحرب إلى تقديم الإمدادات العسكرية والتدريب اللازم للقوات الأوكرانية (الأناضول)

الكاتب: أميركا بادرت منذ بداية الحرب إلى تقديم الإمدادات العسكرية والتدريب اللازم للقوات الأوكرانية (الأناضول)

بادرت الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى تزويد كييف بالمعدات العسكرية والتدريب اللازم لجيشها، فضلا عن المساعدات الاقتصادية وحشد الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي لإحباط الغزو الروسي للبلد.

وهناك مؤشرات عديدة تشير إلى أن الدعم الأميركي لأوكرانيا سيتضاعف في المستقبل، وفق ما يراه الأكاديمي الأميركي جاشوا شيفرينسون الأستاذ المشارك في كلية السياسة العامة بجامعة ماريلاند، في مقال له بمجلة “ناشونال إنترست” (National Interest).

 

ومن بين تلك المؤشرات المطالبات المتزايدة من قبل السياسيين الأميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمعاقبة روسيا، والضغط الأوكراني للحصول على مزيد من المساعدات والدعوات الصادرة عن العديد من المؤسسات الفكرية والمحللين السياسيين لتقديم مزيد من الدعم لكييف، فضلا عن الزيادة التدريجية للمساعدات التي تقدمها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لأوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير/شباط الماضي.

ومع استمرار الحرب وتعالي الأصوات التي تطالب واشنطن “ببذل المزيد” يبرز سؤال مهم هو: ما المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في أوكرانيا؟

يرى جاشوا شيفرينسون أن إدارة بايدن ومؤيدي السياسة الأميركية الحالية فشلوا حتى الآن في تقديم مسوغات إستراتيجية تبرر التكاليف الباهظة والمخاطر التي تتكبدها أميركا في الحرب الروسية الأوكرانية.

وقد سارع صناع القرار في واشنطن والمحللون السياسيون للإشارة إلى وجود مصالح أميركية ثابتة في أوكرانيا، من دون الخوض في التفاصيل أو تحديد تلك المصالح.

 

وعلى الرغم من وضوح الرؤية لدى أولئك حول الأهداف التي ستحققها أوكرانيا من الدعم الذي تقدمه واشنطن، فإن تحديد المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة والنقاش حول خدمة ذلك الدعم للأهداف والمصالح الوطنية الأميركية ما زال غائبا في رأي الكاتب الذي يعتقد أن المصالح الإستراتيجية الأميركية في أوكرانيا اخترلت حتى الآن في الحديث عن مبادئ عامة لتبرير الدعم الهائل لكييف.

الردع حفاظا على أمن أميركا وحلفائها

 

يقول الكاتب إن من أبرز تلك المسوغات أو الحجج أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتسامح مع العدوان الروسي في أوكرانيا، لأن ذلك من شأنه تشجيع موسكو على التوسع أكثر في عدوانها على نحو يهدد المصالح الأميركية.

ويرى بعض المتبنّين لهذا الطرح أن عدم التصدي للهجوم الروسي على أوكرانيا قد يفتح الباب لموسكو للمضي في طموحاتها التوسعية، وذلك سيشكل تهديدا لحلفاء أميركا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتهديدا للأمن أوروبي ككل.

وقد عبّر مايكل ماكفول السفير الأميركي السابق في روسيا عن هذا الرأي عندما قال “لدينا مصلحة أمنية في (مساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا). الأمر ببساطة شديدة هو كالتالي: إذا انتصر بوتين في دونباس شجعه ذلك على المضي إلى أبعد منها داخل أوكرانيا، وسيشكل ذلك تهديدًا لحلفائنا في الناتو”.

كما صرح ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، بأن هناك اهتمامًا أميركيا راسخًا بردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “حتى لا يفكر أن بإمكانه تكرار ما قام به (غزو أوكرانيا) في السنوات الخمس أو العشر القادمة”.

 

ويستعرض الأكاديمي الأميركي في مقاله وجهة نظر أخرى ترى أن الردع لا يقتصر على روسيا فحسب، بل يتجاوزها إلى أي عدوان من أي أطراف أخرى بخاصة الصين.

وأورد الكاتب في هذ السياق تصريحا لبايدن قال فيه إن روسيا “إذا لم تدفع ثمنًا باهظًا جراء أفعالها، فإن ذلك سيكون رسالة إلى المعتدين المحتملين الآخرين بأنهم يستطيعون أيضًا الاستيلاء على الأراضي وإخضاع الدول لإرادتهم” من دون خشية من المحاسبة.

حماية الديمقراطية والنظام الدولي

ويبرز الكاتب في مقاله أن هناك من يرون مصلحة دائمة للولايات المتحدة في أوكرانيا لأن الصراع الدائر على أرضها يؤثر على “النظام الدولي الليبرالي”.

ويورد في هذا السياق تصريح أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي الذي قال فيه إن “النظام الدولي القائم على القواعد والذي يعدّ حاسمًا للحفاظ على السلام والأمن يواجه تحديات بسبب الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا”.

ويشير الكاتب إلى أن هذا الطرح يتضمن شقين أساسيين، أولهما أن الفشل في تقديم الدعم لأوكرانيا سيقود إلى التشكيك في صدق الدعم الأميركي للديمقراطية في أنحاء العالم، ومن ثم سيقوّض فكرة قدرة النهج الديمقراطي على تنظيم الحياة السياسية لأي مجتمع.

 

وقد أوضح بايدن هذه الفكرة في خطاب له قال فيه إن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من “المعركة المستمرة بين الديمقراطية والاستبداد، بين الحرية والقمع”.

ويشير الكاتب إلى أن تجاهل العدوان الروسي على أوكرانيا سيقود إلى التشكيك في مستقبل النظام الدولي المدعوم من قبل الولايات المتحدة.

ويخلص المقال إلى أن التفسير الواقعي والصادق للمصالح الأميركية في أوكرانيا يقتضي فهم طبيعة الصراع، فالتوسع الروسي مدفوع بأسباب أيديولوجية، كما ترغب موسكو في القضاء على الوجود الأميركي في أوروبا وكذلك القضاء على الاتحاد الأوروبي وتقويض حلف الناتو، عدا أنها تتبنّى وجهة نظر بشأن العالم مختلفة جذريا عن وجهة النظر الغربية.

 

المصدر : ناشونال إنترست

About Post Author