مقال بفورين بوليسي: الغرب يخاف من انتصار أوكرانيا
يزعم الكاتب فاسيلي شيريباني رئيس مركز أبحاث الثقافة المرئية في كييف أن الغرب يخشى من انتصار أوكرانيا، وأن هذا الخوف جعل من المستحيل أن تتصالح دوله مع واقع هذه الحرب، وعزا هذا الخوف إلى 3 أسباب.
ويقول شيريباني -في مقال له بمجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية- إن تصرفات الغرب خلال اليوم الأول من الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا تكشف عن اعتقاده أن استسلام أوكرانيا هو أخف الضررين.
ويضيف أن الحقيقة غير المريحة حول “الإبادة الجماعية” التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا، هي أنها أصبحت ممكنة ليس فقط لأن المعتدي تصورها ونفذها، ولكن أيضا لأن الغرب لم يقف في وجهها.
ويرى الكاتب أن الضربة الكبرى ضد الديمقراطية على المستوى العالمي لم تكن الحرب نفسها، بل كانت تسليم الدول الأوروبية -والغربية بشكل عام- بإمكانية احتلال روسيا أوكرانيا، وإلا لما قامت بإجلاء سفاراتها في كييف، على حد تعبيره.
الغرب يتصرف وكأن الحرب ليست حربه
وحتى الآن، يقول الكاتب، يتصرف الغرب وكأن الحرب ليست حربه، ولا يزال الخطاب السياسي الغربي يصدر من برج عاجي ويتمثل في عدم التصعيد وعدم الاستفزاز، ويدور في الأساس حول أفضل السبل لضمان أن التعرض لخطر العدوان العسكري والموت المستمر يقتصر على الأوكرانيين.
ويحدد الكاتب 3 أسباب رئيسية لخوف الغرب من انتصار أوكرانيا، الأول هو عمق “اللاثورية” في الغرب. وانتصار أوكرانيا على روسيا سيعني بالفعل ثورة حقيقية بالنسبة للغرب، لأن ثورة الميدان في أوكرانيا تتطلب -في المقام الأول- من أوروبا تحولا جذريا، وتجر أوروبا إلى جذورها للكفاح من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة ومكافحة الأوليغارشية.
والسبب الثاني لعدم قدرة الغرب على تقبل انتصار أوكرانيا على روسيا هو إرث أوروبا الاستعماري وموقفها الحالي بعد الاستعمار، ومشاركتها المباشرة في تجارب القمع المستمرة هذه.
الاتحاد الأوروبي منغمس في عقليته الاستعمارية
ويبرز أن أوروبا الشرقية لطالما اعتُبرت مثل المنطقة العازلة بين العواصم الغربية والروسية، وعندما أسس الاتحاد الأوروبي سياسته الخاصة بأوروبا الشرقية، التي سميت “الشراكة الشرقية”، وُصفت بأنها سياسة تجاه “الجوار” البعيد.
وتم تكليف دول شرق أوروبا ما بعد الاتحاد السوفياتي بدور وظيفي للأراضي الحدودية أو المناطق العازلة التي وفرت فوائد ضخمة للاتحاد الأوروبي من حيث الإمدادات والموارد المختلفة، الأمر الذي عرض دول أوروبا الشرقية للانتقام الروسي، في الوقت الذي انغمس فيه الاتحاد الأوروبي في عقليته الاستعمارية المكبوتة، وفصل نفسه عما تسمى أوروبا الشرقية غير المتحضرة.
ويضيف الكاتب أن عدم رغبة العواصم الغربية، برلين وباريس على وجه الخصوص، في الاعتراف بالسيادة الكاملة لدول أوروبا ما بعد الاتحاد السوفياتي، يفسر التباطؤ المستمر والتأخير في تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.
والسبب الثالث، وفقا لشيريباني، هو أن الاتحاد الأوروبي جعل فكرة السلام صنما لدرجة أنه قمع تماما حقائق الحرب، مما جعله غير مستعد بالمرة عندما تمكن الأوكرانيون المقموعون من أخذ زمام المبادرة.