يقول كاتب العمود بصحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية، روس داوذات، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخسر حربه في أوكرانيا، لكنه لم يخسر معركته في روسيا.
وأوضح الكاتب في مقال له بالصحيفة أن بوتين تخلي عن أهدافه القصوى بأوكرانيا في الوقت الحالي، وتراجعت قواته حول كييف، وتنصل من أحلامه الإمبراطورية؛ إذ أصبحت لديه أهداف أكثر تواضعا يلجأ إليها، وربما لا يزال قادرا على الاحتفاظ بالموارد والأراضي الزراعية، لكن شهرا من الشجاعة الأوكرانية والدعم الغربي وجّه لطموحاته ضربة مدمرة.
وأضاف الكاتب أن رد الفعل الغربي على طموحات بوتين “المتطرفة” كان طلب تغيير النظام في الكرملين، وإفشال حربه في أوكرانيا، وإسقاطه وإقامة حكومة أكثر عقلانية، مستدركا أن ذلك لم يكن هدفًا رسميا، ولكن أملا يوجه السياسة والنقد، وينزلق من شفاه الرئيس الأميركي جو بايدن في لحظات حماسية.
الأمل الغربي في تغيير بوتين أضعف مما كان
وأشار إلى أن هذا كان دائما أملا ضعيفا، وقد أصبح الآن أضعف مما كان، رغم المستنقع العسكري والعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة. ففي استطلاعات الرأي والحكايات على حد سواء، يبدو أن بوتين يعمل على تعزيز الدعم من الجمهور الروسي، وحشد أمة تشعر بنفسها -كما يصورها- محاطة ومحاصرة ظلما.
وقال الكاتب إن معدلات التأييد لبوتين تبدو، وفقا لاستطلاعات الرأي المستقلة الرئيسية في روسيا، مثل معدلات التأييد لجورج دبليو بوش بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأشار إلى أنه من المعروف من قبل أن دائرة بوتين المقربة لن تنفصل عنه لأسباب عديدة، مثل أن أعضاءها في الغالب من الخلفية نفسها، ويشتركون في الافتراضات الجيوسياسية ذاتها، وهم أكثر احتمالا بكثير “للقتال” بلا رحمة لفترة طويلة مقارنة بالانقلاب على زعيمهم فجأة. ولكن حتى في الدائرة الأوسع للنخب الروسية، فإن الحرب حتى الآن ولّدت تضامنا معاديا للغرب، وحققت حلم بوتين في الاندماج مع النخبة الروسية، كما قالت الصحفية الروسية فريدة رستاموفا.
“البوتينية” ستظل مسيطرة لأجيال في روسيا
يرى الكاتب أن العقوبات المفروضة من الخارج، والحرب الاقتصادية، غالبا ما تؤدي إلى تعزيز القوة الداخلية للنظام المستهدف على المدى القصير، لأنه سيقدم كبش فداء خارجيا، عدوا واضحا يجب إلقاء اللوم عليه في المشقة بدلا من قادة النظام، وعلى المدى الطويل، تشير الأدبيات الأكاديمية إلى أنها قد تجعل الدول أكثر قمعية، وأقل احتمالية لإضفاء الطابع الديمقراطي.
ويمضي الكاتب في تصوره لنوع التغيير الذي سيحدث في روسيا جراء هزيمة بوتين في أوكرانيا، ليقول إنه حتى لو تلاشى الاندفاع نحوه مع تزايد الآلام الاقتصادية، فلن تكون القوى التي تتمكن بسبب المعاناة الروسية، قوى ليبرالية، وأي تغيير في القيادة من المرجح أن يكون مشابها لخلافة نيكولاس مادورو لهوغو شافيز في فنزويلا أكثر من شبهه لثورات عام 1989، التي غيّرت النظام السوفياتي.
ومع ذلك، دعا الكاتب إلى استمرار العقوبات الغربية ضد روسيا والدعم العسكري للجيش الأوكراني، لأنه كما يقول إن روسيا ستظل عدوا للغرب وأميركا لأجيال، بافتراض استمرار البوتينية، ولذلك لابد من العمل على إضعافها من الآن.