مقال في فورين بوليسي: الحرب بسوريا تحولت إلى 6 نزاعات والأزمة أبعد ما تكون عن نهايتها
الأزمة السورية ستدخل عامها الـ 13 في مارس/آذار القادم، ورغم أن مستوى العنف في جميع أنحاء البلاد منخفض الآن نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية، فإن الأزمة ما زالت بعيدة جدا عن نهايتها، وفقا للأكاديمي تشارلز ليستر، زميل أول ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط.
ولفت ليستر -في مقال له بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy)- إلى وجود ما لا يقل عن 6 صراعات منفصلة داخل سوريا تشمل جهات فاعلة داخلية وحكومات خارجية لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، وهو ما اعتبره علامات تصعيد أكثر من كونها علامات تهدئة.
وأضاف أن التحذيرات من موجات فوضى جديدة في سوريا ليست بالشيء الجديد، ورجح أن يكون 2023 عاما من عدم الاستقرار المحتمل الذي يغير قواعد اللعبة.
ويرى الكاتب أن التطورات في تركيا وروسيا وإيران ربما تساهم في إحداث تغييرات واسعة إلا أن الديناميكية الأهم، حسب رأيه، تتعلق بالاقتصاد وبالأخص الوضع داخل مناطق النظام.
ورغم أن سعي الرئيس السوري بشار الأسد الحثيث للبقاء في السلطة عبر سياسة الأرض المحروقة قد وجه ضربة موهنة للاقتصاد منذ عام 2011، فإنه يسير في طريق الانهيار المستمر منذ عام 2019، أي في أعقاب أزمة السيولة في لبنان وما نتج عنها من آثار مدمرة على جارتها سوريا.
ولفت إلى أن الوضع تفاقم منذ ذلك الحين، أولا بسبب جائحة كورونا، ثم الآثار العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا، ومؤخرا التدهور الاقتصادي الحاد في إيران.
ومع دخول عام 2023 -يقول الكاتب- فإن الانهيار الاقتصادي السوري خرج عن نطاق سيطرة النظام، حيث لا يزال نصف البنية التحتية الأساسية مدمرا، ويعيش 90% من السوريين حاليا تحت خط الفقر، وحيث ميزانية الدولة لهذا العام هي الأدنى على الإطلاق.
ومع أن السوريين ليسوا غرباء عن المعاناة، فإن ما يحدث اليوم داخل مناطق النظام غير مسبوق ويأتي في وقت وصلت فيه الأعمال العدائية إلى أدنى مستوياتها، وبعد أن اختفت الطبقة الوسطى وانتشر الفقر حتى بين السوريين المهرة.
وكما هو معتاد في اقتصادات الحرب، فإن من يحملون السلاح هم الذين يعتدون الآن على أولئك العُزل الذين يبحثون عن مصادر دخل إضافية، حيث تشير المصادر داخل مناطق النظام إلى عمليات ابتزاز “ممنهجة” للشركات الصغيرة والمتوسطة، بل وحتى الأكبر منها من قبل أجهزة الأمن التابعة للنظام.
ومع عدم ظهور أي بوادر لتباطؤ الانهيار الاقتصادي في سوريا، يرى الكاتب أن الأشهر المقبلة مشحونة وحبلى بالمخاطر لأن النظام ليس لديه أوراق رابحة يلعبها يمكن أن تحسن الوضع، ولا إيران ولا روسيا في وضع يسمح لهما بإنقاذه.
وبعبارة أخرى، يبدو أن المسار الرهيب اليوم سيستمر، ومن المحتمل أن يتسارع أكثر. وفي حين أن العودة إلى الحرب المباشرة لا تزال غير مرجحة إلى حد كبير، فإن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر ولا بد أن يكون هناك تغيير ما.