تعدّ “تروث سوشيال” (Truth Social) منصة وسائط اجتماعية أنشأتها مجموعة “ترامب ميديا أند تكنولوجي” (Trump Media & Technology Group)، وهي شركة وسائط وتكنولوجيا أميركية أسسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
منصة تروث سوشيال كانت وليدة معاناة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مع منصات التواصل الاجتماعي المشهورة وخصوصا منصته المفضلة “تويتر” (Twitter)، بعد أن تم حظره عليها وعلى منصة “فيسبوك” (Facebook) بعد هجوم الكابيتول في الولايات المتحدة عام 2021.
وقد بدأت المنصة في تقديم خدماتها يوم 21 فبراير/شباط 2022. ومنذ إطلاقها، عانت المنصة من مشاكل استقطاب الجمهور، مما أدى إلى وجود قاعدة مستخدمين أقل من المتوقع.
فحتى مايو/أيار 2022، كانت الخدمة متاحة فقط عبر التطبيق على أجهزة “آيفون” (iPhone) فقط وكان الوصول إليها مقصورًا على المستخدمين في الولايات المتحدة وكندا.
ومن ثم أطلقت الخدمة تطبيق ويب للوصول إلى الخدمة، مما يسمح لمستخدمي أي متصفح إنترنت بالوصول إلى الموقع، على الرغم من أن الوصول لا يزال مقيدًا جغرافيا.
ولكن هل استطاعت تروث سوشيال مجاراة شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى؟
تروث سوشيال ومنافسة فيسبوك وتويتر
وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) عند الإعلان عن منصة ترامب بأنها إضافة إلى مجال منصات التكنولوجيا البديلة الموجودة بالفعل.
وصرح جيمس كلايتون الصحفي في “بي بي سي” (BBC) بأن المنصة يمكن أن تكون نسخة أكثر نجاحًا من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى ذات التقنية البديلة مثل “بارلير” (Parler) و”جاب” (Gap)، وهي محاولة من قبل ترامب لاستعادة شعبيته في فضاء التواصل الاجتماعي.
وأشاد الرئيس التنفيذي لشركة “غيتر” (Gettr) جيسون ميللر، وهو مستشار سابق لترامب، بمنصة تروث سوشيال، وقال إنها ستؤدي إلى خسارة فيسبوك وتويتر المزيد من حصتيهما في السوق.
ولكن كل هذه الآمال تبخرت بعد أن وجدت المنصة صعوبات كبيرة في الإطلاق، فقد لاحظ موقع “رولينغ ستون” (Rolling stone) أنه في حين أن تروث سوشيال تَعدُ بأن تكون منصة مفتوحة وحرة، فإن شروط الخدمة تتضمن فقرة تنص على أنه لا يمكن للمستخدمين الاستخفاف بالخدمة أو معارضتها.
آلية تروث سوشيال والخدمات التي تقدمها
تم تصميم تروث سوشيال بشكل كبير على غرار تويتر، حيث يمكن للمستخدمين إنشاء مشاركات باسم “الحقائق” (Truths)، على غرار التغريدات (Tweets)، وإعادة نشر مشاركات المستخدمين الآخرين (ReTruths) على غرار إعادة تغريد (Retweet).
وتستخدم المنصة إصدارًا مطورا من برنامج استضافة الشبكات الاجتماعية المجانية والمفتوحة المصدر “ماستودون” (Mastodon) كخلفية لها، يتجاهل العديد من الميزات، بما في ذلك الاستطلاعات وخيارات الرؤية اللاحقة، وكان هذا سببا في رفع قضية على مجموعة ترامب يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إذ صرحت مجموعة “سوفتواير فريدوم كونسيرفانسي” (Software Freedom Conservancy) بأنها اشتبهت في أن تروث سوشيال انتهكت ترخيص ماستودون من خلال عدم تقديم كود المصدر لجميع المستخدمين.
سياسات المحتوى
قدمت تروث سوشيال نفسها على أنها منصة و”خيمة كبيرة” من دون رقابة سياسية عند إطلاقها، مما يسمح “بحرية التعبير”، وفق وصف المنصة.
وقالت عبر شروط الخدمة الخاصة بها عند الإعلان عن الشركة لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن الشركة لن تكون مسؤولة قانونًا عن “المحتوى أو الإساءة أو الآراء [أو] الموثوقية” لأي شيء قد ينشره المستخدمون في الخدمة.
وأشار بعض المعلقين إلى أن هذه الحصانة المعلنة ذاتيًا يبدو أنها تعتمد على المادة 230 من قانون آداب الاتصالات، وهو قانون عارضه ترامب بشدة خلال ولايته الرئاسية.
وأضافت شروط الخدمة كذلك أنه يُحظر على المستخدمين “الاستخفاف أو التشويه أو الإضرار بأي شكل من الأشكال، في رأينا، نحن و/ أو الموقع”، وقالت إن لها الحق في “تعليق حسابك أو إنهائه” وأيضًا “اتخاذ الإجراء القانوني المناسب”.
حظرت تروث سوشيال الحسابات بسبب السلوك الذي تعتبره ضارًا أو غير مناسب، بما في ذلك إنشاء حسابات بأسماء ساخرة وتوجيه تهديدات بالقتل.
مستخدمو تروث سوشيال
لدى تروث سوشيال ما يزيد قليلا عن 3 ملايين متابع، وهو عدد بعيد كل البعد عن ما يقرب من 90 مليون متابع كان يتمتع بها ترامب في أيامه الأخيرة على تويتر.
وحتى مع وجود عدة ملايين من الأشخاص الذين يعلقون على كل “حقيقة” يكتبها الرئيس السابق، فإن رسائله تظهر بانتظام مع بضعة آلاف فقط من “إعادة الحقيقة”، وحوالي 10 آلاف إلى 20 ألف إعجاب.
وتجتذب منصة التواصل الاجتماعي الجديدة التي أنشأها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذكور من جيل الألفية الحاصلين على تعليم جامعي، وفقًا لبيانات جديدة من استطلاع “ستاتستا غلوبال كونسيمر سيرفي” (Statista Global Consumer Survey).
ووجد الاستطلاع، الذي تم إجراؤه في مارس/آذار 2022، أنه بينما كان 25% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة على دراية بالمنصة في عام 2022، استخدم 3% فقط منهم التطبيق في الأسابيع الأربعة الماضية، و2% فقط قالوا إنهم من المحتمل أن يستخدموها مرة أخرى.
من هم المؤثرون الذين انضموا للمنصة؟
أرسل فريق تروث سوشيال رسائل إلى العديد من المؤثرين باستخدام عنوان البريد الإلكتروني المرتبط بالشركة الأم للتطبيق وفقًا لموقع “أكسيوس” (Axios).
ومن بين المؤثرين الذين تلقوا هذه الدعوات جيريمي جاكوبويتز، الذي لديه 159 ألفا و700 متابع في “تيك توك” (TikTok)، وكاتبة الطعام والسفر جيلي هيوستن، التي لديها 106 آلاف متابع على “إنستغرام” (Instagram).
وعلى الرغم من مشاعرهما المعادية لترامب، قالت هيوستن لأكسيوس إنها لن ترد على طلب الانضمام.
في المقابل، تنشط بالفعل العديد من الشخصيات اليمينية البارزة في الولايات المتحدة على منصة التواصل الاجتماعي الجديدة للرئيس دونالد ترامب.
فقد ضمت المنصة بالفعل شخصيات إخبارية محافظة مثل شين هانيتي ودان بونجينو، وفقًا لموقع “فوكس بزنس” (Fox Business)، وكذلك مؤسس “ترنينغ بوينت يو إس إيه” (Turning Point USA) تشارلي كيرك.
كما نجح أعضاء الكونغرس اليمينيون مثل النائبة مارجوري تايلور جرين (جمهورية عن ولاية جورجيا) وماديسون كاوثورن (جمهوري عن كارولينا الشمالية) في التسجيل على المنصة بنجاح، وفقًا للقطات المنشورة على حساباتهم على تويتر.