استطاع مهرجان سينما فلسطين إثبات حضوره الفني في الأجندة الثقافية لباريس منذ عام 2015، ويطل على الجمهور في نسخته الحالية تحت شعار “نسويات” من 26 مايو/أيار إلى 9 يونيو/حزيران في مدينتي باريس ومارسيليا.
ويعتبر المهرجان نافذة فلسطينية على الغرب تتجاوز كل القيود والحدود الجغرافية، وفرصة للتعريف بجودة السينما الفلسطينية وإبراز عمل المخرجات الفلسطينيات بشكل خاص.
ملتقى ثقافي
في صالات مختلفة من باريس ومارسيليا، جنوب فرنسا، سيتم عرض 14 فيلما طويلا (روائيا ووثائقيا)، و24 فيلما قصيرا، فضلا عن أمسية في الهواء الطلق في ضواحي العاصمة الفرنسية.
وينظم المهرجان مسابقة للأفلام القصيرة للسنة السادسة على التوالي، تشمل مجموعة متنوعة من الأعمال الخيالية والوثائقية والرسوم المتحركة، لتعزيز الإبداعات السينمائية ودعم الطلاب المبتدئين في مجال السينما.
كما يهدف برنامج “مينتورشب” (Mentorship) إلى دعم المخرجات والمخرجين الفلسطينيين لتطوير وكتابة مشاريعهم السينمائية للأفلام القصيرة.
وأوضحت فيدا الجنيدي، عضوة لجنة تنظيم المهرجان، في مقابلة خاصة للجزيرة نت، أن كل الأفلام المعروضة تمت ترجمتها من قبل أعضاء اللجنة التي تضم فريق عمل من المتطوعين الشباب.
وأضافت فيدا “نحاول الحفاظ على استقلالية التنظيم من حيث المحاور واختيار الأفلام المشاركة دون أي تدخل خارجي أو ضغوط قدر الإمكان”.
ويخرج المهرجان عن سياقه التقليدي من خلال استضافة فعاليات مختلفة تشهد حضور المخرجات المشاركات لطرح نقاشات مباشرة مع الجمهور والتعريف أكثر بأعمالهن والحديث عن القضية الفلسطينية.
النضال النسائي
وتهدف النسخة الثامنة من المهرجان إلى تسليط الضوء على أعمال المخرجات التي تبرز دور ومقاومة النساء الفلسطينيات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتحدي الهيمنة الذكورية في المجالين الخاص والعام من ثلاثينيات القرن الماضي حتى اليوم.
وقد افتتح المهرجان عروضه السينمائية بتكريم خاص للزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت في 11 مايو/أيار الماضي في جنين على يد قوات الاحتلال.
وتقول فيدا الجنيدي “صدمنا بخبر اغتيال أبو عاقلة التي نشأنا على صوتها ورسالتها. لقد كانت تحاول تصوير معاناة الشعب الفلسطيني كصحفية وكامرأة فلسطينية. وبوفاتها، اغتيل صوت حرية التعبير والديمقراطية”.
وأشارت إلى أن كل أعضاء اللجنة المنظمة يستنكرون هذه الجريمة، مطالبين بضرورة محاكمة الجناة لتحقيق العدالة “التي تستحقها شيرين، صوت فلسطين”.
كما تقوم فكرة المهرجان على تأكيد قيمة النضال النسائي في فلسطين من خلال الحديث عن الصعوبات التي تواجهها المخرجات أثناء القيام بعملهن.
وكشفت ديما حمدان، مخرجة أفلام قصيرة فلسطينية ومقيمة في برلين، للجزيرة نت أن التحديات التي يواجهها المخرجون في المهجر تتمثل أساسا في الحصول على تمويل من صناديق التمويل الأوروبية، التي يكون التنافس عليها على أشده.
وتابعت ديما بأن حساسية القضايا أو المواضيع التي تفضح الانتهاكات الإسرائيلية تشكل عقبة أمام تنفيذ العمل السينمائي، حتى وإن تم تقديمه بطرق مبدعة وغير مباشرة، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى رفض تمويل المشروع.
تكريم غسان كنفاني
خصص المهرجان عروضا سينمائية لأفلام مستوحاة من كتابات الروائي والسياسي الفلسطيني البارز غسان كنفاني وأخرى عن حياته الخاصة.
ويمثل فيلم “الفانوس الصغير” (The Little Lantern) للمخرج الإيطالي ماريو ريزي أحد أهم الأفلام التي تعبر عن هذا التكريم. ويروي الفيلم قصة زوجة كنفاني، السيدة الدانماركية آني هوفر البالغة من العمر 85 عاما، التي انتقلت في الستينيات إلى لبنان وتزوجت حب حياتها.
ويقول المخرج ماريو ريزي للجزيرة نت إنه بعد وفاة كنفاني، سعت آني إلى تحقيق حلمه بالعدالة والعمل في المخيمات الفلسطينية من خلال تأسيس أماكن مخصصة لتعليم ورعاية الأطفال.
ويضيف أن “الأسلوب الوثائقي والسرد الخيالي يتناوبان في هذا الفيلم الذي تم تصويره في روضة للأطفال أنشأتها آني كنفاني في مخيم برج البراجنة، الواقع بالقرب من بيروت”.
ويستوحي الفيلم عنوانه من قصة خيالية كتبها غسان كنفاني لابنة أخته لميس، وهي عبارة عن سرد مجازي لتطور الديمقراطية وتصور لربيع فلسطيني يكسر حواجز مخيمات اللاجئين ويتغلب على اللامبالاة من خلال اللاعنف والحوار.