أخيرا كشفت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” عن مضمون الرسالة التي تخطط أن ترسلها نحو أحد أقمار كوكب المشتري الضخم، وتحتوي على أكثر من 2.6 مليون اسم من حول العالم.
ويجري ذلك ضمن العرف الذي تتبعه وكالة الفضاء في إرسال بعض الرسائل الملهمة إلى الفضاء والتي تُعرّف بكوكب الأرض والبشر، طمعا في أن تعثر عليها حضارة ذكية ما. وتخطط ناسا إرفاق رسالة تشمل على عدد ضخم من الأسماء التي رُشحت مسبقا بعد أن فتحت باب تقديم مقترحات الأسماء العام الماضي، وإرسالها على متن مركبة الفضاء “يوروبا كليبر” التي من المقرر أن تتوّجه إلى قمر يوروبا أحد أقمار المشتري نهاية هذا العام.
وتمثّل الرسالة لوحة معدنية ثلاثية الشكل، منقوشٌ عليها باللغة الإنجليزية قصيدة للشاعرة الأميركية آدا ليمون بعنوان “في مدح الغموض.. قصيدة ليوروبا”، بالإضافة إلى وجود رقاقة صغيرة من السيليكون تشبه شرائح الحاسوب الدقيقة، وتحتوي على أكثر من 2.6 مليون اسم من جميع أنحاء العالم.
(قصيدة يوروبا المرسلة إلى قمر المشتري)
وتعرض الرسالة الفضائية عناصر مرئية على كلا جانبيها، وهي مصنوعة من معدن التانتالوم المعروف بمقاومته للتآكل، مما يعني قدرته على الصمود لملايين السنوات في ظل الإشعاعات الكونية الشديدة.
كما تبلغ قياسات الرسالة نحو 18 × 28 سم. وجمع العلماء تسجيلات لكلمة “ماء” في 103 لغات مختلفة، ومُثِّلت الأصوات على هيئة موجات صوتية ونُقشت على أحد الجانبين. (استمع إلى الأصوات بالضغط على الرابط).
وتعد هذه الفكرة مستوحاة من رسالة “لوحة فوياغر الذهبية” الشهيرة التي أُطلقت في السبعينيات على متن مركبة فوياغر الفضائية، والتي حملت أصواتا وصورا عدّة تتعلّق بكوكب الأرض، وتعد أول رسالة يرسلها البشر بهذا النمط إلى الفضاء.
وتقول لوري غليز مديرة قسم علوم الكواكب في ناسا: كلا التصميم والمحتوى لرسالة يوروبا كيبلر يحملان العديد من المعاني، وتجمع هذه اللوحة الفنية أبرز السمات التقنية التي وصلت إليها حضارة البشر اليوم من علوم وتكنولوجيا وفن ورياضيات. كما أن ذكر كلمة “ماء” يحمل دلالة رمزية على الارتباط الوثيق والضروري لتشكّل الحياة المعروفة، وهو دافع لاستكشاف المحيط المتجمّد الغامض على سطح قمر يوروبا.
وتحتوي اللوحة كذلك على معادلة دريك منقوشة عليها، وهي معادلة طوّرها عالم الفلك فرانك دريك في عام 1961 لتقدير عدد الحضارات الذكية التي يمكن أن تكون في الفضاء. وأخيرا، تتضمن اللوحة صورة لأحد مؤسسي علم الكواكب، وهو رون غريلي الذي وُضعت جهوده المبكرة لتطوير مهمة البحث عن حياة على سطح قمر يوروبا قبل عقدين.
يقول العالم روبرت بابالاردو من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا: “لقد استلهمنا الكثير من الأفكار في تصميم هذه اللوحة، واستغرق الأمر عقودا من الزمن لتجهيز رحلة الاستكشاف هذه، ولا يمكننا الانتظار لنرى ما ستظهره لنا مركبة يوروبا كليبر”.
وستقطع مركبة الفضاء يوروبا كليبر مسافة 2.6 مليار كيلومتر بعد أن تقلع بواسطة صاروخ سبيس إكس فالكون الثقيل في شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، وستصل بحول عام 2030 كوكب المشتري، ثمّ تتوجّه نحو قمر يوروبا وتحلّق حوله 49 رحلة جويّة قريبة من سطحه.
وتستهدف المركبة الفضائية تقييم ظروف قمر المشتري وقدرته على احتضان الحياة، ومراقبة المحيط المائي بحالته السائلة تحت سطحه، ودراسة قشرته الجليدية وغلافه الجوّي الرقيق.
وبمجرد الانتهاء من تجميع وتركيب مركبة الفضاء يوروبا كليبر في مختبر الدفع النفاث، ستُشحن المركبة إلى مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا في فلوريدا استعدادا لإطلاقها في أكتوبر.