نتنياهو يستعد للعودة إلى السلطة وأنصاره يحتفلون بالنصر ولبيد يدعو لانتظار النتائج النهائية
يتهيأ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو على ما يبدو للعودة إلى السلطة بعد أن أظهرت نتائج استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أمس الثلاثاء أن كتلته اليمينية تتجه نحو تحقيق أغلبية ضئيلة بفضل النتائج التي حققها حلفاؤه من اليمين المتطرف.
وبحسب استطلاعات رأي أجرتها 3 شبكات إعلام إسرائيلية كبرى، فاز حزب الليكود اليميني بالمركز الأول بحصوله على 30 أو 31 مقعدا في البرلمان المكون من 120 عضوا.
وأظهرت التوقعات الأولى أن حزب نتنياهو -رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة، والذي يُحاكم حاليا بتُهَم فساد لكنه ينفيها- وحلفاءه حزب “شاس” لليهود الشرقيين “سفراديم” وحزب “يهودوت هاتوراه” لليهود الغربيين “الأشكنازيم” و”القوة اليهودية”، حصدوا 61 أو 62 مقعدا، وهو عدد مقاعد كاف للحصول على الأغلبية في البرلمان (الكنيست).
وقال نتنياهو (73 عاما) في مقطع فيديو بثته قناة كان 11 التلفزيونية الرسمية الإسرائيلية “إنها بداية جيدة، لكن استطلاعات الرأي ليست العدد الحقيقي”، وأضاف “علينا انتظار النتائج الرسمية لكن الليكود أثبت نهجه ونحن على شفا فوز كبير”.
وأوضح “لقد حققنا النتائج المرجوة بعد أن قام نشطاء الحزب بحشد التأييد في كل شارع وحي”. وأكد “لقد فزنا بثقة الشعب في إسرائيل والليكود هو القوة الكبرى بين كل الأحزاب”.
كما قال نتنياهو إن “الشعب يريد نهجا آخر يعيد الهيبة القومية ويعيد هوية الدولة اليهودية” على حد تعبيره، وإن “الشعب يريد حكومة مستقرة قادرة على الحكم وعلى الاهتمام بالشرائح الضعيفة”، حسب قوله.
وقد احتفل أنصار الأحزاب المؤيدة لنتنياهو بالنصر في الانتخابات الإسرائيلية قبل ظهور النتائج النهائية للانتخابات، وسط رقص وهتافات ضد المعارضين.
وفي مقرات أحزاب شاس والصهيونية الدينية والقوة اليهودية كانت الاحتفالات أيضا صاخبة تخللها الرقص بالأعلام الإسرائيلية وأيضا الهتافات ضد المعارضين.
وليس من المتوقع الإعلان عن النتائج النهائية إلا في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، واندلعت الخلافات على الفور مع تحذير حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو من محاولات محتملة لتزوير النتائج.
وأثارت خامس انتخابات إسرائيلية في أقل من 4 سنوات سخط العديد من الناخبين، ولكن تم تسجيل أعلى نسبة مشاركة منذ عام 1999.
وانتهت فترة نتنياهو القياسية في رئاسة الوزراء والتي بلغت 12 عاما في يونيو/حزيران 2021 عندما نجح يائير لبيد المنتمي إلى تيار الوسط وشريكه نفتالي بينيت في تشكيل تحالف.
وتصدر ملفا الأمن وارتفاع الأسعار قائمة مخاوف الناخبين في حملة انتخابية بدأت بعدما تسببت الانشقاقات في انهيار ائتلاف رئيس الوزراء لبيد غير التقليدي الذي ضم أحزابا من اليمين والوسط، وحزبا عربيا للمرة الأولى.
لبيد يدعو لمواصلة الكفاح
ويبدو أن حزب “هناك مستقبل” (يش عتيد) برئاسة رئيس الوزراء يائير لبيد سيحلّ في المركز الثاني، حسب التوقعات التي منحته ما بين 22 و24 مقعدا.
ونتيجة لذلك، فمن المنتظر أن يحصل حزب لبيد على 54 إلى 55 مقعدا، مما يجعله ثاني أكبر حزب في البرلمان وفقا للاستطلاعات.
وبذلك تكون الكتلة “المناهضة لنتنياهو” ككل فشلت في تحقيق أي انتصار، وفقا للتوقعات الأولية لشبكات التلفزة.
وبنى لبيد حملته الانتخابية على الاقتصاد والإنجازات الدبلوماسية التي تحققت مع دول من بينها تركيا ولبنان، لكن ذلك لم يكن كافيا لإيقاف تقدم اليمين.
إلا أن الحملة الانتخابية طغت عليها الشخصية المؤثرة لنتنياهو، الذي فاقمت معاركه القانونية حالة الجمود التي تعرقل النظام السياسي الإسرائيلي منذ أن وُجهت له اتهامات بالرشوة والتزوير وخيانة الأمانة في 2019.
وفي أول تصريح له بعد حصول حزبه على المركز الثاني في استطلاعات الرأي، أكد لبيد ضرورة “انتظار النتائج النهائية” للانتخابات التشريعية.
وخاطب لبيد مؤيديه في تل أبيب بالقول “حتى يتم فرز جميع الأصوات، لم يتم إقرار أي شيء، سنتحلى بالصبر.. سنواصل ما قمنا به، كفاحنا من أجل دولة يهودية وديمقراطية وليبرالية وحديثة”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قال في كلمة أمام جمع من أنصار حزبه إنهم ينتظرون “النتائج الحقيقية، مهما كانت”.
وأضاف “سنعمل على خلق إطار عمل واسع يخدم شعب إسرائيل، لقد بدأنا للتو مسار معسكر الدولة، وأمامنا أيام طويلة”.
ائتلاف من المتطرفين
ويستعد إيتمار بن غفير وقائمته المتطرفة (الصهيونية الدينية) لأن تكون ثالث أكبر حزب في البرلمان، بعد صعودها في الآونة الأخيرة بالحياة السياسية.
ويعتمد نتنياهو على دعم بن غفير وزعيم اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش، اللذين خففا بعض مواقفهما المتطرفة لكنهما ما زالا يدعوان إلى طرد أي شخص يعتبر غير موال لإسرائيل من البلاد.
ويثير احتمال انضمام بن غفير، وهو عضو سابق في حركة كاخ المدرجة على قوائم مراقبة الإرهاب في إسرائيل والولايات المتحدة، وأدين سابقا بالتحريض العنصري، إلى حكومة يقودها نتنياهو قلق واشنطن.
نتائج أخرى
وبالإضافة إلى ذلك، فقد حصل “المعسكر الوطني” بقيادة وزير الدفاع بيني غانتس على ما بين 11 إلى 13 مقعدا.
كما حصل حزب العمل على ما بين 5 و6 مقاعد، وميرتس على 4 أو5 مقاعد، ويسرائيل بيتينو على 4 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة (شريك بالائتلاف الحكومي الحالي) على 5 مقاعد.
فيما حصل تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) والحركة العربية للتغيير (تعل) على 4 مقاعد.
بينما لم يتجاوز التجمع الوطني الديمقراطي (بلد) عتبة الحسم لدخول الكنيست، وهي ما لا يقل عن 3.25% من أصوات المقترعين الصحيحة.
لكن فروقات طفيفة في الأرقام مع فرز الأصوات وصدور النتائج الرسمية، قد تبدّل المشهد بشكل كبير.
فقد تتأثر النتيجة بما إذا كان حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب عربي صغير، قد تجاوز العدد اللازم للدخول إلى البرلمان، الأمر الذي قد يزعزع توزيع المقاعد ويحتمل أن يحبط نتنياهو.
وقالت لجنة الانتخابات المركزية إنها لم تجد أي مؤشر على أي تلاعب وأضافت أنه لا يوجد أساس للشائعات حول وجود تزوير.
وجاءت انتخابات الثلاثاء بعد انهيار تحالف من 8 أحزاب متباينة كان قد أطاح صيف العام الماضي بنتنياهو، منهيا مسيرته في رئاسة الوزراء بعد 12 عاما متواصلة في المنصب.
اشتية: تنامي مظاهر التطرف والعنصرية بإسرائيل
وفي تعليق على النتائج التي أظهرتها استطلاعات الرأي الإسرائيلية؛ أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الأربعاء أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية المتوقعة تظهر تنامي مظاهر “التطرف و”العنصرية”، وذلك بعد تحقيق تحالف الصهيونية الدينية نتائج متقدمة في تصويت الثلاثاء.
وأضاف “لم يكن لدينا أي أوهام بإمكانية أن تفرز صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية شريكا للسلام في ضوء ما يعانيه شعبنا من سياسات وممارسات عدوانية، لا تقيم وزنا للقرارات والقوانين الدولية، فنتائج الانتخابات الإسرائيلية أكدت ما كان يقينا لنا من أنه لا شريك سلام لنا في إسرائيل، وأن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية لشعبنا من السياسات العدوانية الإسرائيلية بعد صعود الأحزاب العنصرية لسدة الحكم في إسرائيل”.
ومن جهته، قال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن “نتائج هذه الانتخابات تشير إلى توجه المجتمع الإسرائيلي ليكون أكثر يمينية وتطرفا، وما سيتمخض عن هذه الانتخابات ستكون حكومة تواصل ارتكاب الجرائم بحق شعبنا وتغلق الأفق أمام أي حل سياسي”.
يذكر أن هذه الانتخابات نظمت بعد حملة انتخابية جرت وسط عمليات قتل واقتحامات واعتداءات إسرائيلية مستمرة منذ أشهر في الضفة الغربية المحتلة أدت إلى اشتباكات بصورة شبه يومية مع الفلسطينيين.