قالت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) الأميركية في تقرير لها إن “الفيتو” الروسي ضد تمديد فتح ممر باب الهوى من تركيا إلى سوريا لنقل المعونات الإنسانية يهدد ملايين السوريين بالجوع وتركيا بالانهيار وأوروبا بالمزيد من الهجرة.

وأضاف التقرير أن إغلاق الممر الوحيد لنقل المعونات الإنسانية إلى السوريين بشمال غرب سوريا قد يترك ملايين السوريين -الذين دمرت الحرب حياتهم لأكثر من عقد- دون طعام ودواء وإمدادات أخرى.

 

وقال إن روسيا بتصويتها أمس الجمعة تبرهن على إصرارها منذ فترة طويلة على أن المسار ينتهك السيادة السورية، وإن الأمر متروك للرئيس السوري بشار الأسد ليقرر كيفية توزيع الدعم الأجنبي.

حياة أو موت

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بعد التصويت “كان هذا تصويتا للحياة أو الموت للشعب السوري، وقد اختارت روسيا الخيار الأخير”.

وأشارت غرينفيلد ودبلوماسيون آخرون إلى أنهم سيحاولون إيجاد طريقة أخرى لضمان استمرار حصول السوريين على الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى.

وأورد التقرير أن روسيا سبق أن عرضت خطة بديلة كانت ستبقي الطريق مفتوحا لمدة 6 أشهر، قبل أن تمنح حق السيطرة على المساعدات الإنسانية لحكومة الأسد، لكن هذا الاقتراح فشل بسبب مخاوف من أن الإرجاء القصير سيخلق الكثير من عدم اليقين بين المانحين ومجموعات الإغاثة، مما يؤدي إلى نقص الإمدادات، وأن الطريق سيُغلق خلال فصل الشتاء عندما يكون السوريون في أمس الحاجة للمساعدات.

التبرير الروسي

بدوره، قال ديمتري بوليانسكي نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة إن التمديد لمدة عام واحد يتجاهل مصالح سوريا، وإن مهلة الستة أشهر كانت ستمنع الإغلاق النهائي للمعبر، مضيفا أن موقفهم كان واضحا ومعروفا للجميع منذ البداية، وأنهم لم يضللوا أحدا، وحث الدبلوماسيين على دعم الخطة الروسية “إذا كان مصير المشروع مهما وليس مجرد لعبة سياسية”.

ولفت التقرير إلى أن أكثر من 5.7 ملايين سوري فروا من البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، وإلى أن إغلاق المعبر الحدودي قد يجبر آلافا آخرين على المغادرة، مما يؤدي إلى أزمة لاجئين أخرى لبلدان في الشرق الأوسط وأوروبا.

 

ووصف مسؤولو الأمم المتحدة طريق باب الهوى بأنه بوابة لأكبر عملية مساعدات إنسانية في العالم، والتي نقلت أكثر من 56 ألف شاحنة من الإمدادات المنقذة للحياة إلى محافظة إدلب في شمال غربي سوريا على مدى السنوات الثماني الماضية، مشيرين إلى أن ما يصل إلى 4 ملايين شخص في سوريا يتلقون مساعدات.

وتقدر مجموعات الإغاثة أن 70% من سكان سوريا ليس لديهم إمدادات غذائية يمكن الاعتماد عليها.

عواقب وخيمة

بدورها، قالت رئيسة الفرع الأميركي لاتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية الدكتورة خولة السواح في بيان قبل تصويت الأمم المتحدة “قد يؤدي إغلاق المعبر إلى عواقب وخيمة”.

يُذكر أن روسيا هي أحد المستفيدين من الأسد في الحرب، واستخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي للمساعدة في إغلاق 3 ممرات إنسانية أخرى إلى سوريا في عام 2020.

ووافقت روسيا العام الماضي على إبقاء باب الهوى مفتوحا بعد مفاوضات مكثفة مع الولايات المتحدة على أساس أن تفويض بعثة الأمم المتحدة سينتهي في 10 يوليو/تموز الجاري.

تهديد لتركيا

وتعيش الأغلبية العظمى من اللاجئين السوريين في تركيا، إذ حذر المسؤولون لسنوات من أن الشتات السوري يدفع تركيا إلى نقطة الانهيار.

ونقل التقرير عن دبلوماسيين حاليين وسابقين قولهم إن روسيا بدت كأنها تستخدم ممر المساعدات ورقة مساومة لإقناع تركيا بالوقوف مع بعض مطالب موسكو بشأن الحرب في أوكرانيا، لكن في أواخر يونيو/حزيران الماضي تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن معارضته السماح لكل من السويد وفنلندا بالانضمام إلى الناتو، مما أثار حفيظة موسكو.

وفي حديثه إلى الصحفيين بعد تصويت أمس الجمعة قال بوليانسكي إن روسيا ستعارض “بوضوح” مقترحات أخرى لإبقاء الطريق مفتوحا إذا انحرفوا عن خطة الستة أشهر التي قدمها.

وأشار دبلوماسيون آخرون إلى أنه يتم بذل جهود للتوسط في تمديد مدته 9 أشهر، لكن السفيرة الأميركية قالت إنه من غير الواضح أنه يمكن التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي غدا الأحد.

وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون إن المفاوضات يمكن أن تستمر حتى بعد يوم الأحد، بالنظر إلى الوضع الإنساني في سوريا والاهتمام بمعاناة الشعب السوري، مضيفا أنه لا يزال هناك بعض الوقت، ودعا الدبلوماسيين إلى “عدم الاستسلام”.

المصدر : نيويورك تايمز

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *