عادت صحيفة “نيويورك تايمز” لأحداث معركة “طوفان الأقصى” صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، عندما استيقظ الطبيب الإسرائيلي يوفال بيتون على رنين هاتفه المستمر، وجاء صوت ابنته التي كانت مسافرة إلى الخارج، تسأله: “أبي، ماذا حدث في إسرائيل؟ افتح التلفاز”.
وكان مذيعو الأخبار يتحدثون عن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري التابع لحركة (حماس)، الذين تمكنوا من اختراق دفاعات إسرائيل، وتسللوا إلى أكثر من 20 بلدة وقاعدة عسكرية، وقتلوا حوالي 1200 شخص وأسروا أكثر من 240 جنديًا ومستوطنًا.
ومنذ اللحظة الأولى لـ”طوفان الأقصى”، يقول بيتون، إنه كان يعرف على وجه اليقين من الذي دبر الهجوم. إنه يحيى السنوار، زعيم (حماس) في غزة والسجين رقم 7333335 في نظام السجون الإسرائيلي منذ عام 1989 حتى إطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى عام 2011.
وأضافت الصحيفة أن بيتون “عندما كان يشاهد صور الرعب والموت عبر شاشته، كان يتألم بسبب القرار الذي اتخذه قبل ما يقرب من عقدين، عندما هرع إلى مكان عمله بمستوصف السجن لمساعدة يحيى السنوار، وكيف أخبره زعيم حماس بعد ذلك أنه مدين له بحياته”.
وتابعت الصحيفة أن الرجلين أظهرا بعد ذلك احترامًا متبادلًا حذرًا، رغم كونهما عدوين لدودين.
وطوال عمله طبيب أسنان، وبعد ذلك ضابط استخبارات كبيرًا في مصلحة السجون الإسرائيلية، أمضى بيتون مئات الساعات في تحليل شخصية السنوار والتحدث معه.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون الآن أن السنوار هو من يتولى قيادة (حماس) في المفاوضات بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح بعض الأسرى.
وقال الدكتور بيتون إن كل ما دار بينه وبين السنوار، كان بمثابة هاجس للأحداث التي حدثت، وما زالت تحدث الآن.
وأضافت “نيويورك تايمز”: لقد فهم الطريقة التي يعمل بها عقل السنوار بشكل جيد أو أفضل من أي مسؤول إسرائيلي، مضيفة أنه “عرف من تجربته أن الثمن الذي سيطلبه زعيم حماس مقابل أي أسير إسرائيلي في قبضة المقاومة سيكون باهظًا إلى درجة أن إسرائيل لن ترغب في دفعه”.
وبحلول نهاية اليوم، علم بيتون أن ابن أخيه عطاف آدار كان من ضمن الأسرى الإسرائيليين لدى السنوار، ومع ذلك كان لديه سبب للاعتقاد بأن ابن أخيه لا يزال على قيد الحياة، وبعدها علمت المخابرات الإسرائيلية أن السنوار كان يسأل عن صحة الأسير عطاف أدار، وأن مرؤوسيه أكدوا له أنه بخير.
وذكرت الصحيفة أنه في إحدى محادثاتهما الأخيرة، في يوم إطلاق سراح السنوار عام 2011، شكر زعيم (حماس) الطبيب الإسرائيلي مرة أخرى على إنقاذ حياته، مضيفة أن السنوار طلب رقم هاتفه، لكن الدكتور بيتون اضطر إلى الرفض، لأن موظفي السجن ممنوعون من التواصل مع قادة (حماس) في الخارج.
وخلص الدكتور بيتون إلى القول: “بعيدًا عن حقيقة كوننا أعداء، فإن ليحيى السنوار نظرته الشخصية، وفي رأيي، اعتقد أنه سيعامل ابن أخي بالطريقة نفسها التي عاملته بها، وينقذ حياته على الرغم من كونه عدوًا”.