أفاد تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية بأن الصحفيين في اليونان يرزحون تحت وطأة رقابة الدولة، كما أن المعارضين السياسيين يجري التنصت على مكالماتهم الهاتفية.
ووصف التقرير -الذي أعدته المراسلتان لورين ماركهام المقيمة في ولاية كاليفورنيا، وليديا إيمانويليدو التي تتخذ من أثينا مقرا لها- ما يتعرض له الصحفيون والمعارضون السياسيون بالفضيحة.
وأطلقت المراسلتان على فضيحة التنصت والرقابة اسم “ووترغيت اليونانية” على غرار أكبر فضيحة في تاريخ الولايات المتحدة، والتي أجبرت الرئيس ريتشارد نيكسون على تقديم استقالته في الثامن من أغسطس/آب 1974.
وروى التقرير قصة صحفي يوناني يدعى ستافروس ماليتشوديس كان محط اهتمام أجهزة المخابرات في بلاده، والذي كان يراقب أنشطته الاستقصائية، وتحديدا ما ينشره من تقارير في أحد المواقع الإخبارية عن المهاجرين غير النظاميين، وأخضعت المخابرات هاتفه للتنصت بعد الحصول على مذكرة مراقبة لمدة شهرين من المدعي العام.
وقال ماليتشوديس -في تصريح لنيويورك تايمز- إنه ظل يشعر بالخوف لعدة أشهر، مشيرا إلى أنه كان في حالة نفسية غير مستقرة، وأنه أحس بأن محادثاته مع والدته وأصدقائه ومصادره الإخبارية كانت مكشوفة بالفعل، مما اضطره لتجنب استخدام الهاتف إلى حد كبير.
لم يكن ماليتشوديس وحده الذي يعاني من الرقابة، فهناك صحفي اقتصادي تعرض للتنصت على هاتفه أيضا، كما اعترفت حكومة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس بأن جهاز مخابرات الدولة كان يراقب أحد زعماء المعارضة، وقد استقال اثنان من المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم ابن شقيق رئيس الوزراء.
لكن مزاعم التجسس تعد نذير شؤم للصحفيين اليونانيين بطريقة أخرى، فقد استغرق الأمر وقتا طويلا حتى تولي وسائل الإعلام القديمة وعامة الناس اهتماما كبيرا بها.
وذكرت المراسلتان أنهما ظلتا تغطيان أزمة “الهجرة القسرية” بشكل مكثف، وأشارتا إلى أن تغطية قضية الهجرة إعلاميا تنطوي على خطورة متزايدة.
ووفقا للتقرير، فإن أي صحفي يغطي تدفق اللاجئين إلى جزر بحر إيجة أو حدود إيفروس البرية مع تركيا يتعرض اليوم للاعتقال.
ويتجنب الصحفيون عمليات إنزال المهاجرين من القوارب التي تقلهم مخافة اتهامهم “ظلما” بالاتجار بالبشر والتجسس.
وقالت ماركهام وإيمانويليدو إنهما كانتا شاهدتي عيان حين كان المسؤولون اليونانيون ينكرون -في مؤتمراتهم الصحفية وعبر الإنترنت- التقارير المستقاة من مصادر جيدة وينتقدون الصحفيين.
ومنذ كشف النقاب عن فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية أصبح الصحفيون في اليونان يقظين للغاية.
ونقلت نيويورك تايمز في تقريرها عن المتحدث باسم الحكومة يوانيس إيكونومو القول “إن القيم الديمقراطية مثل حكم القانون وحرية التعبير والشفافية هي في صميم ما تدافع عنه حكومة اليونان”، مضيفا أن الإيحاء بخلاف ذلك خطأ محض.
وعلى الرغم من هذا التصريح فإن من الواضح وفق المعايير الخارجية أن وضع الإعلام في اليونان يتجه نحو الانحدار حسب تعبير الصحيفة الأميركية، فقد تسببت الرقابة على الصحفيين في تدني ترتيب اليونان من المركز 70 إلى المركز 108 في أحدث تقرير أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” عن حرية الصحافة في العالم، وهو أدنى تصنيف في جميع أنحاء أوروبا.
إن التهديدات التي تتعرض لها الصحافة الحرة اليونانية شديدة الخطورة، لدرجة أن أعضاء برلمان الاتحاد الأوروبي عقدوا مؤخرا نقاشا في أثينا للتوصل -من بين أمور أخرى- إلى حقيقة مزاعم الرقابة.