لقطة من فيلم "نار الحب" (ناشيونال جيوغرافيك)

لقطة من فيلم "نار الحب" (ناشيونال جيوغرافيك)

كبسولة معلوماتية ووجبة دسمة من الحقائق والأحداث غير المتوقعة تُغلِّفها حالة من الوهج السينمائي والسرد الدرامي المثير للتساؤلات، هذه هي حال الأفلام الوثائقية، إذ يهتم صانعوها بتقديم مواد معرفية في صورة سينمائية من شأنها المساهمة في تثقيف محبي السينما من جهة، والولوج إلى عقر دار غير المهتمين بالكتب والقراءة من جهة أخرى.

وبمطالعة حصيلة أفلام 2022 في العموم، سنجدها ثرية وعامرة بأفلام وثائقية استعرضت العديد من الموضوعات الثقيلة والمتنوعة التي شملت فئات كثيرة من بينها الدراما والسياسة والتاريخ والفضاء والموسيقى والرياضة، وإليكم أهم ما أنُتج من الوثائقيات لهذا العام:

 

من الهوس ما قتل

“نار الحب” (Fire of Love) فيلم أميركي كندي، توزيع ناشيونال جيوغرافيك للأفلام الوثائقية، العمل يصلح للمشاهدة بداية من سن 10 سنوات، حيث يتتبع حياة العالمين الفرنسيين كاتيا وموريس كرافت، اللذين بذلا عمريهما حرفيا في دراسة واستكشاف البراكين النشطة، ومطاردتها من بلد إلى آخر لجمع عينات من الأراضي المشتعلة.

وهو الهوس المشترك الذي جمع الزوجين بالمقام الأول وأشعل بينهما جذوة الحب، ثم ما لبث أن تسبب في وفاتهما مستقبلا، وتحديدا خلال ثورة بركان جبل أونزين عام 1991. عُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان صندانس السينمائي في يناير/كانون الثاني الماضي، وأشاد النقاد وقتها بالعمل.

كذلك حقق نجاحا كبيرا في مهرجان “ساوث باي ساوث ويست” (South by Southwest) حتى إنه جنى أرباحا بلغت 1.7 مليون دولار، فالفيلم لا يحوي فقط قصة درامية ملحمية مثيرة، وإنما ضمّ العديد من اللقطات الأرشيفية والصور الطبيعية التي أذهلت المشاهدين.

 

وثائقيات حربية

“رجوع/ارتداد” هو مصطلح عسكري رسمي يُعبّر عن العمليات التي تتضمن نقل القاعدة ومن ثمّ الانسحاب من منطقة ما بهدف التراجع والخروج. هذا ما يتمحور حوله فيلم “مُتراجع” (Retrograde) المناسب لمحبي الوثائقيات الحربية.

 

على مدار ساعة ونصف الساعة هي مدة العمل، حرص مخرجه ماثيو هينمان على التقاط صور مؤلمة ومؤثرة تجمع بين المعاناة والفوضى وحالات الذعر التي جرت خلال الأشهر التسعة الأخيرة من عملية انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في عام 2021 بعد حرب واحتلال استمرا قرابة 20 عاما.

النجاة وحدها لا تكفي

في 2005 حدث “إعصار كاترينا” الذي شهده العالم وتسبب في تدمير نيو أورليانز، ووفقا للأرقام والإحصائيات، فهو أحد أكثر 5 أعاصير عنفا في تاريخ أميركا، إذ تسبب في خسائر قُدّرت بأكثر من 108 مليارات دولار أميركي، في حين خلف وفيات بلغت 1833 قتيلا.

ولمّا كان المخرج إدوارد بوكلز جونيور طفلا حين حدثت تلك الكارثة، شغل ذهنه حقيقة ما جرى للأطفال الذين نجوا من ذلك الحادث القاسي بعد ما شهدوه من أهوال، مُتسائلا عن طبيعة التأثير النفسي الذي طالهم جرّاء ذلك وسيستمر معهم للنهاية.

من هنا جاءته فكرة فيلم “كاترينا بيبيز” (Katrina Babies) الذي ضمّ عشرات الشهادات من أشخاص كانوا صغارا وقت الإعصار ولم تتجاوز أعمارهم الـ18 عاما الآن، محاولا تسجيل إفادتهم من وجهة نظر إنسانية، ومنحهم الفرصة أخيرا للتعبير عما يختلج بنفوسهم بخصوص ذاك الماضي المخيف. عرض الفيلم على شبكة “إتش بي أو” (HBO)

تحدي الطبيعة.. أفلام وثائقية عن الحيوانات

بتقييم جماهيري 6.9 نقاط على موقع  “آي إم دي بي” (IMDb) الفني، يأتي فيلم “الدب القطبي” الذي أنتجته شبكة “ديزني بلس” (Disney+) وحمل تصنيف “بي جي” (PG)، مما يعني أنه يُنصح بمشاهدته رفقة الأهل لمن هم دون الـ13 من العمر.

الفيلم يغوص في عالم الدببة القطبية عبر تَتَبُّع رحلة دبّة تختبر الأمومة حديثا وعليها أن تعبر مساحات شاسعة من المياه المتجمدة برفقة صغيرها وحمايته خلال الرحلة، وأثناء ذلك تتذكر أمها وشقيقها والتحديات التي واجهوها سويا.

المميز في العمل أنه لا يكتفي باستعراض الرحلة وما بها من عراقيل، وإنما يسلط الضوء أيضا على تأثير تغيُّر المناخ سلبا على النظام البيئي في القطب الشمالي.

جرائم لا تسقط بالتقادم

أما منصة “نتفليكس” (Netflix) فقدمت هي الأخرى العديد من الأفلام الوثائقية التي تستحق المشاهدة خاصة بفئة الجريمة، أشهرها “فتاة في الصورة” (Girl in the Picture) و”مُحتال تيندر” (The Tinder Swindler).

 

لكننا اخترنا أن نرشّح لكم فيلم “السقوط: القضية ضد بوينغ” (Downfall: The Case Against Boeing) الذي يحكي عن ما تسببت به طائرات بوينغ-737 (الأكثر مبيعا) من حوادث.

من بين هذه الحوادث، تحطّم رحلة “ليون إير 610” في إندونيسيا عام 2018، وتحطّم رحلة الخطوط الجوية الإثيوبية 302 عام 2019، وهي الحوادث التي نتج عنها وفاة 346 شخصا.

وأمام هول المأساة والردود العنيفة من أهل الضحايا والإعلام، قرر أصحاب شركة بوينغ إخفاء الأدلة والتلاعب بالحقائق لصالح أسهمهم واستمرار جني الأرباح حتى ولو كان ذلك يأتي على حساب سلامة الركّاب، واضعين اللوم بأكمله على كفاءة الطيارين.

وقد تضمّن العمل لقطات أرشيفية ومقابلات حصرية مع أُسر الضحايا وبعض الطيارين والموظفين السابقين من أجل رصد الحقيقة، ومعرفة كيف انتهى الحال بطائرات بوينغ-737 ومصير الشركة بعد ذلك، تُرى هل تحققت العدالة؟ هذا ما يمكنكم معرفته بأنفسكم إذا شاهدتم الفيلم.

 

والدنا

الفيلم الأخير بالقائمة وأحد أكثر الأفلام الوثائقية ضجة هذا العام هو “والدنا” (Our Father) الذي يحكي عن طبيب خصوبة ظل لسنوات يساعد الزوجات اللاتي تعانين من مشاكل إنجابية على تحقيق حلمهن، مؤمنا بحقهن في الحصول على فرصة لاختبار الأمومة.

بعد سنوات، يدفع الفضول شابة تعاني من الوحدة للبحث عن أقارب محتملين لها عبر إجراء اختبار الحمض النووي، وإذا بها تُفاجأ بسبعة أشقاء!

 

 

مع البحث والتقصي، يكتشف السبعة أنهم جميعا ولدوا لأمهات لجأن للطبيب نفسه من أجل الإنجاب، ومع التأكد من رابط الدم الذي يجمعهم، يبدؤون البحث عن إخوة آخرين، والأهم يسعون لمعرفة لماذا وكيف فعل الطبيب ذلك؟ وهل يعقل أن يكون هو والدهم البيولوجي؟!

المصدر : الجزيرة

About Post Author