أكد مقال في “فايننشال تايمز”(Financial Times) بأن المخاطر والتقلبات السياسية في ازدياد بالولايات المتحدة حيث بدأ الانقسام يتعمق، الأمر الذي يثير سؤالا أكبر تجري مناقشته حاليا من قبل بعض المستثمرين: هل بدأت أميركا تشبه إلى حد بعيد سوقا ناشئة أكثر من اقتصاد متقدم؟
وأشارت كاتبة المقال رنا فوروهار إلى أن انقسام أميركا وانفصال بعض ولاياتها كان يعد في السابق من أمور الخيال، وكان الصراع المسلح شيئا يحدث دائما في مكان آخر. لكن الآن، ومع أسلحة أو بدونها، فإن أميركا في حالة حرب مع نفسها.
مقالات ذات صلة
وقالت الكاتبة إن قرارات المحكمة العليا خلال الأسابيع القليلة الماضية حول الإجهاض أدت إلى تعميق الانقسامات التي انفتحت بأميركا منذ الأزمة المالية عام 2008. فقد أدت القرارات السياسية التي اتخذها كل من الجمهوريين والديمقراطيين منذ ذلك الحين، بما في ذلك إنقاذ البنوك بدلا من مالكي المنازل، والتخفيضات الضريبية الكبيرة للشركات، إلى تآكل الثقة في المؤسسات الأميركية، والتي وصلت الآن إلى أدني مستوى لها، وفقا لمؤسسة “غالوب”(Gallup).
وأوضحت أن قرارات المحكمة والقيود الجديدة ستضعف قدرة الوكالات الفدرالية على العمل على المستوى القومي، وستضعف البلاد وتؤدي بها إلى مزيد من الانقسام، وستجعل من المستحيل على الحكومة الفدرالية ضمان حكم قانون واحد في جميع أنحاء البلاد بشأن القضايا الأساسية التي لا تهم المواطنين فحسب، بل المستثمرين أيضا.
وقالت الكاتبة إنها تتحدث هنا عن لوائح الشركات ومعايير الإبلاغ، وقواعد العمل والبيئة، وحماية المستهلك المختلفة وحتى نوع الأصول التي يمكن تداولها أم لا، وأي شيء تنظمه وكالة فدرالية مثل وكالة حماية البيئة، أو ربما الأهم من ذلك، لجنة الأوراق المالية والبورصات. فقد أصبحت، وفقا للمقال، شرعية هذه القواعد وإنفاذها متاحة الآن لإعادة التفاوض في جميع أنحاء البلاد، اعتمادا على الولاية التي تعيش فيها.
واستمرت تقول إن هذا يأتي في وقت تزايدت فيه عمليات إطلاق النار الجماعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع أحكام مخيفة من المحكمة العليا تسهل حمل الأسلحة المخفية، والتضخم المتفشي وخلفية جلسات الاستماع في الكونغرس المتلفزة حول هجمات 6 يناير/كانون الثاني على الكابيتول هيل، مضيفة أن هذه الجلسات تجعل من السهل على كل تلميذ أن يرى أن أميركا بلد يمكن أن يحدث فيه التمرد المسلح.
وأوضح المقال أنه في حين أن المخاطر السياسية بالولايات المتحدة في المقارنات العالمية لا تزال منخفضة نسبيا (تحتل المرتبة 85 من أصل 127 دولة) فهي الآن الأعلى مقارنة بأي سوق متقدمة، مضيفة أن أميركا حاليا تبدو مثل تركيا وكولومبيا والمكسيك وإسرائيل. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو حقيقة أن تغيير وتقلب المقاييس الرئيسية، بما في ذلك مخاطر عدم الاستقرار الاجتماعي والحكومي، والعنف السياسي وحتى المخاطر على الديمقراطية، تجعل الولايات المتحدة تبدو وكأنها دولة نامية أكثر منها متقدمة، ناهيك عن أنها الزعيم المفترض للعالم الحر.
وأضافت أن الاقتصادات والعملات الاحتياطية تتطلب الثقة لتزدهر على المدى الطويل، وأن الثقة مبنية على الالتزام المستمر بسيادة القانون، مشيرة إلى أن الأحكام الراديكالية الأخيرة للمحكمة العليا، والتي تعكس بحد ذاتها الاستقطاب السياسي، قد أوضحت أن القانون لن يتم تطبيقه بالطريقة نفسها في كل مكان بأميركا. وسيعتمد الإطار القانوني الذي يُلزمك على هويتك والمكان الذي تعيش.