أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) البريطانية أنه مع اشتداد عزلة روسيا في أعقاب بدئها الحرب على أوكرانيا كثرت التساؤلات بشأن مستقبل أهم صناعاتها، ويتعلق الأمر بالنفط والغاز.

وقالت الصحيفة إن الشركاء الأجانب الرئيسيين في هذه الصناعة وضعوا خططا للخروج من روسيا، في حين تعهدت شركات خدمات النفط الدولية بعدم توفير استثمارات جديدة، كما بدأ عشرات العملاء تجنب شراء الخام الروسي.

 

غير أن مايكل موينيهان -الخبير في قطاع التنقيب عن النفط والغاز الروسي في شركة “وود ماكنزي” الاستشارية- قال إنه رغم كل العقوبات فمن الممكن أن يتحقق النمو المطلوب لصناعة النفط وينجح كل شيء، وإن كان ذلك لا يظهر في المستقبل المنظور.

تفاؤل

وحسب موينيهان، فإن اللاعبين الروس الكبار قادرون على الحفاظ على الإنتاج بشكل طبيعي، إذ لديهم “محفظة واسعة” من حقول النفط، ويمكنهم ضمان إنتاج جديد من دون مشاكل.

كما أن رئيس فريق الأبحاث بشركة “وود ماكنزي” إريك مليكي أكد أن شركات النفط والغاز الروسية دخلت الأزمة الحالية وهي في “صحة مالية جيدة” بمستويات ديون يمكن التحكم فيها، وتكاليف إنتاج منخفضة.

واستثمرت شركتا “روسنفت” و”غازبروم” على نحو كبير في تطوير قطاع خدمات صناعة النفط والغاز المحلية، خاصة بعد عقوبات أميركية وأوروبية فرضت عام 2014 بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم، مما يجعلها حاليا في وضع أحسن.

وحسب فايننشال تايمز، فإن ما تفتقر إليه الصناعة المحلية هو القدرة على القيام بتحليلات تقنية معقدة لتطوير “خزانات نفطية جديدة”، مما يهدد بوقف عدد من مشاريع التطوير التي كانت مبرمجة سابقا.

ونقلت الصحيفة عن أليكبيروف -الذي استقال الشهر الماضي من منصب الرئيس لشركة “لوك أويل” بعد خضوعه لعقوبات بريطانية- وصفه لوقف الاستثمارات الجديدة من قبل أكبر شركات خدمات النفط العالمية بأنه “ضربة كبيرة”.

لكن أليكبيروف أكد أن صناعة النفط الرويسة لديها القدرة على التطور كالمعتاد، رغم بعض التعديلات والتحولات التي قد تطرأ على الجدول الزمني لبرنامج تنفيذ مخططاتها.

وتؤكد الصحيفة أنه رغم الثقة التي عبر عنها أليكبيروف فإنه من الواضح -حسب محللين- أن آفاق صناعة النفط والغاز تعتمد بشكل أكبر على وجود أسواق لمنتجاتها، أكثر من اعتمادها على قدرة الشركات على مواصلة الإنتاج.

وتقول الصحيفة البريطانية إن المقاطعة المتزايدة للصادرات الروسية منذ بدء الحرب على أوكرانيا بدأت تلقي بثقلها على إنتاج النفط، إذ بلغ متوسط الإنتاج في أبريل/نيسان الماضي 10.05 ملايين برميل يوميا، مقابل 11.01 مليونا في مارس/آذار الذي سبقه، وفقا “لأويل إكس”؛ مزود البيانات الذي يستخدم الإحصاءات الحكومية وصور الأقمار الصناعية لقياس النشاط في حقول النفط.

وسبق لوزير المالية الروسي أنطوان سيلوانوف أن حذر في أبريل/نيسان الماضي من أن إنتاج النفط في روسيا قد ينخفض بنسبة 17% هذا العام، وهو ما يعني انخفاضا بمليوني برميل في اليوم.

لكن ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء قدم نظرة أكثر تفاؤلا، وأخبر وسائل الإعلام الروسية أن الإنتاج زاد في مايو/أيار الماضي بنسبة تتراوح بين 200 و300 ألف برميل في اليوم، موضحا أنه يتوقع انتعاشا إضافيا في يونيو/حزيران الجاري.

الوجهة الآسيوية

يبدو أن الحل لصناعة النفط الروسية -كما تذكر فايننشال تايمز- يكمن في تحويل الإمدادات التي كانت ترسل لأوروبا إلى وجهة ثانية، ونقلت الصحيفة البريطانية عن رئيس صندوق أمن الطاقة القومي الروسي كونستانتين سيمونوف قوله إن روسيا إذا أخرجت من السوق الأوروبية، فإن الإنتاج الروسي سيظهر ببساطة في الهند والصين ودول أخرى.

وتقول فايننشال تايمز إن إعادة توجيه صادرات الطاقة الروسية من أوروبا إلى آسيا ستكون عملية معقدة، إذ لا توجد قدرة كافية لشحن الصادرات عبر البحر، علما أن حركة الشحن البحري ستعاني من عدة قيود إذا طبق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حظرا على تأمين السفن التي تحمل الخام الروسي.

غير أن موينيهان قال إنه ليس من المستحيل على روسيا اتخاذ إجراءات لتأمين إمدادات الإنتاج للصين، معترفا في الوقت نفسه بأن ذلك سيكلفهم أكثر.

ويضيف موينيهان أن من التحديات المطروحة بالنسبة لروسيا عدم وجود حوافز كبيرة للصين للإسهام في تحمل تكلفة البنية التحتية لخطوط الأنابيب الجديدة، علما أن موسكو ليست لديها خيارات كثيرة.

وتقول الصحيفة إن الوضع سيكون أصعب بشكل خاص بالنسبة لشركة غازبروم بالنظر إلى أن جميع عناصر البنية التحتية الخاصة بها مرتبطة بأوروبا، ولا يوجد خط أنابيب يربط مناطق إنتاجها بشرق روسيا والصين.

المصدر : فايننشال تايمز

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *