توقع مقال بمجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية أن تنتهي الحرب في أوكرانيا بهزيمة روسيا بسبب ما أظهره جيشها من ضعف في التفكير وسوء في التنظيم، بالإضافة إلى الدعم الكبير من الغرب للنظام في كييف.
وكتبت ليانا فيكس -وهي باحثة في الشؤون الأوروبية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية، ومايكل كيميج أستاذ التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأميركية- في مقال مشترك بالمجلة أن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا كان المقصود منها أن تكون أعظم إنجازاته، ودليلا على ما وصلت إليه بلاده من تقدم منذ انهيار “الإمبراطورية السوفياتية” في عام 1991.
وكان من المفترض أن يكون ضم أوكرانيا خطوة أولى في إعادة بناء إمبراطورية روسية. وكان بوتين ينوي -حسب المقال- إظهار أن الولايات المتحدة نمر من ورق، وإثبات أن روسيا، ومعها الصين، تتجهان للاضطلاع بدور قيادي في نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.
غير أن الأمور لم تمض على ذلك النحو. فقد صمدت كييف في وجه الغزو، وتحول جيشها إلى “قوة ماحقة”، ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى الشراكة الوثيقة مع الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين.
وعلى النقيض من ذلك -يقول المقال- أظهر الجيش الروسي ضعفا في التفكير الإستراتيجي والتنظيم، كما أثبت النظام السياسي الذي يقف خلفه أنه لا يتعلم من أخطائه. وساهم مسار الصراع في دحض التكهنات المبكرة التي انتشرت على نطاق واسع بأن أوكرانيا سوف تسقط بسرعة، على أن حدوث انتكاسات في الوضع يظل احتمالا لا يمكن استبعاده، برأي الكاتبيْن. ومع ذلك، يبدو أن روسيا تتجه نحو الهزيمة، أما الشكل الذي ستكون عليه هذه الهزيمة فهو أمر لا يمكن الجزم به.
ورسم مقال فورين أفيرز 3 سيناريوهات أساسية لمآلات الحرب، لكل منها تداعيات مختلفة على صُناع السياسة في الغرب وأوكرانيا.
السيناريو الأول -وهو الأقل احتمالا- أن تقر روسيا بالهزيمة بقبولها تسوية عبر التفاوض وفق شروط أوكرانيا. ويتطلب ذلك حدوث تغييرات كثيرة لكي يتحقق هذا السيناريو، نظرا لأن أي مظهر من مظاهر الحوار الدبلوماسي بين روسيا وأوكرانيا والغرب قد تلاشى.
السيناريو الثاني لهزيمة روسيا يحمل في طياته فشلا في خضم تصعيد الصراع. وسيسعى الكرملين، “باستهانة واستخفاف”، إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، بشن حملة من أعمال التخريب التي لا تقرها الدول الداعمة لكييف.
وفي أسوأ الأحوال، فقد تلجأ روسيا إلى شن هجوم نووي على أوكرانيا. عندها ستتجه الحرب نحو مواجهة عسكرية مباشرة بين حلف الناتو وروسيا، بناء على توقعات الكاتبين.
وسوف تتحول روسيا في هذا السيناريو إلى “دولة مارقة”، وهي مرحلة انتقالية بدأت بالفعل، وهو من شأنه أن يقوي قناعة الغرب بأن روسيا تشكل تهديدا فريدا وغير مقبول.
ويمضي المقال إلى أنه في حال تخطت روسيا “العتبة النووية” فقد يدفع ذلك حلف الناتو إلى المشاركة بالوسائل التقليدية في الحرب، الأمر الذي سيؤدي إلى التعجيل بهزيمة روسيا على الأرض.
أما السيناريو الأخير، فهو هزيمة روسيا من خلال انهيار النظام، حيث ستجري المعارك الحاسمة ليس في أوكرانيا، بل في أروقة الكرملين أو في شوارع موسكو.
لقد أحكم بوتين قبضته على السلطة، وتسبب تعنته في مواصلة خوض حرب “خاسرة” في جعل نظام حكمه يقف على أرض “مهتزة”، على حد تعبير المقال الذي يرى كاتباه أن الروس سيواصلون السير وراء “قيصرهم الأحمق” حتى نقطة معينة قبل أن ينقلبوا عليه إذا ما تسببت الحرب في إفقارهم وبؤسهم.
إن هزيمة روسيا ستتيح العديد من الفرص والإغراءات، من بينها توقع اختفاء روسيا المهزومة من أوروبا. لكن روسيا المهزومة -يستطرد الكاتبان- ستفرض نفسها مجددا يوما ما، وستسعى إلى تحقيق مصالحها وفقا لشروطها. وينصح المقال الغرب بأن يكون مستعدا، “سياسيا وفكريا”، لهزيمة روسيا وعودتها مرة أخرى على حد سواء.