تشير دراسة أجراها بنك “إتش إس بي سي” (HSBC) البريطاني إلى أن البشر قد يتقلصون إلى نصف ما هم عليه الآن بحلول عام 2100، نظرًا لانخفاض معدل المواليد، فما مدى مصداقية ذلك؟
سؤال ناقشته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية مع عدد من علماء الديمغرافيا، في ظل توقعات منظمة الأمم المتحدة التي ترى أن البشرية لن تتوقف عن الزيادة، وإن كانت طفيفة وشبه ثابتة؛ لتبلغ 8 مليارات و800 مليون بحلول عام 2100.
غير أن الباحثين البريطانيين جيمس بوميروي وهيرالد فان دير ليندي وبريرنا غارغ، الذين أعدّوا دراسة البنك المذكور، يصرّون على أن احتمال حدوث انخفاض حاد في الولادات هو في الواقع “أعلى بكثير” مما تذهب المنظمة الدولية إليه.
ووفقا لهؤلاء، فإن عدد البشر سيبلغ ذروته في وقت أبكر بكثير من عام 2080 الذي ذهبت إليه الأمم المتحدة، وستكون تلك الذروة في عام 2043، ثم يبدأ العدد في الانخفاض ليستقر عند مستوى يزيد قليلًا على 4 مليارات في نهاية القرن.
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور لوران شالار، أستاذ الجغرافيا بجامعة “باريس 4″، أن الدراسات تتخذ من حال الدول المتقدمة مرجعًا لحساباتها بافتراض أن الدول الأخرى ستلحق بركبها عاجلًا أم آجلًا في جميع أنحاء الكوكب.
وتضيف أن متوسط خصوبة سكان العالم اليوم هو 2.3 ولادة لكل امرأة، وقد كانت تلك النسبة 5 ولادات في خمسينيات القرن الماضي.
وانطلاقا من هذه التقديرات، ترى الأمم المتحدة أن الانخفاض مستمر في المواليد وسيكون متوسط الخصوبة 2.1 طفل لكل امرأة في عام 2050، وسيستقر بعد ذلك، ويثبت عند هذه العتبة، وفي الوقت نفسه تُبرز المنظمة الدولية أن هذه البيانات ينضاف إليها ما ينتج عن ظاهرة انخفاض معدل الوفيات، وزيادة العمر.
ويعتقد جيمس بوميروي وزملاؤه أن هذه التوقعات متفائلة جدا، وتسلط دراسة البنك التي أعدّوها الضوء على تزايد شيخوخة السكان، وإدماج النساء في سوق العمل، وذلك يعني غالبا تأخير إنجاب أول طفل، فضلا عن ارتفاع التضخم الذي يجعل الأسرة الكبيرة مشروعًا أكثر تعقيدًا، كل هذا بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى وسائل منع الحمل.
وحسب الدراسة التي أجراها البنك، الأكبر في أوروبا، ستفقد القارة العجوز 400 مليون نسمة في 80 عامًا، أما في الدول الناشئة أو المتقدمة، مثل هونغ كونغ أو سنغافورة أو كوريا الجنوبية أو تايوان، فإن منحنى الخصوبة الحالي سيجعل من الممكن توقع انخفاض عدد السكان إلى النصف بحلول نهاية القرن.
لكن لوران شالار ينبّه أن “علينا أن نتذكر شيئًا أساسيًّا واحدًا هو أن الإسقاطات الديمغرافية ليست تمرينًا علميًّا، بل عملية فكرية”. ويضيف أن أغلب الأشخاص الذين سيعيشون في عام 2100 لم يولدوا بعد، “لذلك من الصعب التنبؤ بسلوكهم في مثل هذا الأفق البعيد”.
ويختم شالار بالتعليق على دراسة البنك قائلا “ما لم تكن هناك كارثة طبيعية أو نيزك أو حرب نووية، فإن سيناريو 4 مليارات نسمة لا يبدو جديرا بالثقة على الإطلاق”، على حد تعبيره.