- يشعر الكثير من الأشخاص بالرضا والأمان عندما تكون المساحة الخاصة بهم مرتّبة، فهل يعدّ التنظيم مفتاح الحياة الجيدة؟ وأي تأثير نفسي له علينا؟

- يشعر الكثير من الأشخاص بالرضا والأمان عندما تكون المساحة الخاصة بهم مرتّبة، فهل يعدّ التنظيم مفتاح الحياة الجيدة؟ وأي تأثير نفسي له علينا؟

عمّان- يشعر الكثير من الأشخاص بالرضا والأمان عندما تكون المساحة الخاصة بهم مرتّبة، فهل يعدّ التنظيم مفتاح الحياة الجيدة؟ وأي تأثير نفسي له علينا؟

التنظيم، أو الترتيب، يعدّ من أكثر الصفات التي قد تساعد “الأشخاص على النجاح وتحقيق الأهداف التي يطمحون إليها. ولكنه سيف ذو حدين، فسوء التنظيم والترتيب يُدخل الفرد حالة من القلق أو التوتر إثر شعوره بعدم الكفاية وإحساسه بعجزه عن إتمام المهام”، وفق المتخصصة النفسية السريرية ميس السمهوري، الحاصلة على حق مزاولة المهنة من وزارة الصحة الأردنية.

 
3- التنظيم قد يعد من أكثر الصفات التي ممكن أن تساعد الأشخاص على النجاح-(بيكسلز)
التنظيم يعد من أكثر الصفات التي ممكن أن تساعد الأشخاص على النجاح (بيكسلز)

وتقول السمهوري، إن التنظيم الشديد قد يكون مَرضيًا، وقد يصنَّف ضمن الاضطرابات النفسية أحيانًا. إذ هناك أفراد يصلون إلى الهوس بالتنظيم والترتيب، وهذا ينعكس سلبًا على حياتهم، فيصبح الفرد غير قادر على تحمل رؤية أي شيء خارج عن دائرة التنظيم الذي يتوقعها. ولا شك أن الحياة مليئة بالمفاجآت السارة وغير السارة، وقد تسبب له ضيقًا وتوترًا، ومن ثم لا يستطيع السيطرة أو التعامل معها، بل يصبح في حالة قلق شديد طوال النهار، كونه اعتاد على أن يبقى مرتبًا ومنظمًا بطريقة معينة.

ويتّخذ التنظيم أو الترتيب أشكالاً عدة، منها: التنظيم بالوقت، والتنظيم بالعادات السلوكية، والتنظيم والترتيب في المكان الذي نوجد فيه، حسب السمهوري.

الزوجة العاملة- ميس السمهوري يجب أن تطالب الزوجة العامله بحق المشاركة في المهام وتوزيع المسؤوليات مع الزوج الجزيرة.
السمهوري: التنظيم يساعد الأشخاص على أن يكونوا راضين عن أنفسهم (الجزيرة)

التنظيم وعلاقته بتركيز الفرد

تشير السمهوري إلى أنه إذا كان التنظيم بالحد السوي، فمن المؤكد أنه يساعد الفرد على أن يركز أكثر؛ لأنه دائمًا يشعر بالطمأنينة والسيطرة، ومن ثم يصبح أكثر فاعلية. لكن إذا وصل الأمر إلى حد الهوس المَرَضي، فلا يستطيع الشخص عندها إنجاز المهمات الصغيرة واليسيرة، ويتشتّت تركيزه.

ومن الآثار الإيجابية للتنظيم السوي أنه يساعد الأشخاص على أن يكونوا راضين عن أنفسهم ومنظمين أوقاتهم، ويساعدهم على الإنجاز أكثر ويفتح أمامهم مساحة بأن يكونوا مبدعين، نتيجة شعورهم بالراحة والأمان، فيشعرون بأن كل شيء تحت سيطرتهم.

وفي الواقع لن يكون كل شيء تحت سيطرة الفرد بشكل كامل، لكن على الأقل يتولّد لديه شعور بأنه قادر على إنجاز المهمات وتحقيقها في الأوقات المناسبة وبطريقة فعالة، وفق السمهوري التي تشير إلى أنه في العلاج النفسي السلوكي، نعتمد كثيرًا على التنظيم وتدريب الأشخاص على التنظيم والاستمرار به، إذ من شأن ذلك مساعدتهم -أحيانًا- على الخروج من حالات الاكتئاب.

4- التنظيم إذا كان بالحد السوي فمن المؤكد بأنه يساعد الفرد على أن يركز أكثر-(بيكسلز)
إذا كان التنظيم بالحد السوي فمن المؤكد أنه يساعد الفرد على أن يركز أكثر (بيكسلز)

الانسجام مع الكون المنظم

ترى مدرّبة التنمية البشرية سوسن الكيلاني أن بعض الناس مهووسون بالتنظيم. وهذه الفئة تتبع نظام شخصية معينة، لا يعرف العيش دون تنظيم، حتى إنه لا يستطيع أن يدرس إذا كانت غرفته غير مرتبة، وملابسه موضوعة في مكان محدد، ويعرف كيف يصل إليها بسهولة.

هذه الفئة من الناس تعتقد أنها منسجمة مع الكون المنظّم حولها، فيضع الشخص ملفاته في دماغه بالطريقة نفسها. لكن هذا النوع من الأشخاص يحتاج إلى عائلة من النوع ذاته، وإلا يصبح منزعجًا وغير مرتاح، ومع الوقت قد يتقبّل الآخرين، ولكنه يجنح للابتعاد قدر المستطاع؛ لأن تركيزه يتشتّت فعلًا، أو قد يفقد التركيز تمامًا في بيئة غير منظّمة.

 

وتقول الكيلاني إنه عندما يكون المدير منظمًا فإنه يُتعب من حوله في البداية، ثم يرتاحون لاحقًا، مضيفة أن التنظيم يُسهّل علينا الرجوع إلى الأشياء إذا وضعناها في المكان الصحيح. إنه قانون كوني، لذلك افعل الأشياء بشكل صحيح من البداية، ولا تُكمل على بدايات خاطئة؛ لأن النتيجة لن تكون مرضية مهما حاولت لاحقًا، بل إن جهدك سيذهب هباء.

1-مدربة تنمية بشرية معتمدة من اتحاد المدربين العرب سوسن الكيلاني- (الجزيرة)
الكيلاني: الأحاسيس والمشاعر تتقدم على كل شيء، خاصة مع الأشخاص الذين نحبهم (الجزيرة)

التنظيم في الأحاسيس والمشاعر

وتشرح الكيلاني قائلة إنه من المهم أن نعرف أن الأحاسيس والمشاعر لا تمشي بالطريقة ذاتها. وقد تتقدّم على كل شيء، خاصة مع الأشخاص الذين نحبهم. فعلى سبيل المثال، قد تترك بيتك في حالة فوضى للذهاب لمساعدة الوالدة المريضة رغمًا عنك. ومع ذلك، تشعر بأن الأولويات هنا تختلف، وهذا هو الصحيح والصحي.

وغالبًا ما تتعلم البنت التنظيم من الأم أو الابن من الأب، خاصة إذا لاحظ هؤلاء أثره في حياتهم. ولكن عند المبالغة، قد نحصل على ردة فعل سيئة، وفق الكيلاني التي تضيف أنه من المهم ملاحظة أن الموهوبين أو العباقرة لا يجنحون للترتيب، بل يتمردون عليه، ويجب تقبّل ذلك منهم.

وتقول من أجل تعزيز التنظيم يجب أن نتبع الحلول الوسط في كل شيء، وأن نعمل خريطة ذهنية لمهماتنا الصعبة، ونطبقها ونتدرب عليها حتى تصبح عادة، لأن هذا مريح للدماغ وللجسم وللأشخاص حولنا.

FW: لماذا نحن مهووسون بالتنظيم والترتيب
البنت تتعلم التنظيم من الأم أو الابن من الأب غالبًا، خاصة إذا لاحظوا أثره في حياتهم (شترستوك)

لماذا نحن مهووسون بالتنظيم؟

تحت عنوان “لماذا نحن مهووسون بالتنظيم؟” نشر موقع “هاوس بيوتيفل” (house beautiful) تقريرًا يقول فيه المتخصص في علم النفس العيادي في شيكاغو بيثاني كوك إن “البشر يميلون طبيعيًا إلى إيجاد الراحة فيما يمكن التنبؤ به، فإذا كان هناك شيء يمكن التنبؤ به فهو آمن. وينطبق هذا داخل منازلنا، ويتجلّى ذلك في مفهوم التنظيم”.

وفي التقرير ذاته، تقول المستشارة المهنية في تكساس ربيكيا فيليبس “يعدّ التنظيم منفذًا ماديًا لِما نشعر -أحيانًا- بأنه غير منظم أو فوضوي في العقل، فعندما نشعر بالتشويش في أفكارنا، فإن تنظيم محيطنا المادي يمكن أن يساعدنا على الشعور بمظهر يشبه السيطرة. ولذلك نتائج إيجابية أخرى؛ مثل الشعور بالإنجاز عندما تضع كل شيء في مكانه”.

تنظيم محيطنا المادي يمكن أن يساعدنا على الشعور بالإنجاز (شترستوك)

ويلفت الدكتور كوك إلى أنه “عندما ننظّم الأشياء ونفرزها، يمكن أن ينتج عن ذلك تجارب عدة قد تجعلنا نشعر بالرضا، مثل الشعور بالحنين إلى الماضي، خاصة عندما نعثر على عنصر منسي، ولكنه عزيز، أو التخلص من أشياء لم نعُد في حاجة إليها، أو التبرع بها يحرّر المساحة ويُشعر بالراحة”.

وهناك فائدة جسدية للتنظيم -كذلك- حيث أظهرت الدراسات أنه من الصعب على الشخص التركيز عندما يتم تحفيز القشرة البصرية بشكل مفرط على هذا النحو، كما يقول الدكتور كوك.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author