المخرج كوينتين تارانتينو (رويترز)

المخرج كوينتين تارانتينو (رويترز)

أفلام الأكشن والجريمة ليست مجرد ترفيه، لكنها ظاهرة فنية تؤثر في حياة المشاهدين وأفكارهم. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت لدى المخرجين رغبة في تجاوز كل الحدود الإبداعية المعروفة وتجريب كل ما هو غير معقول. ويعد كوينتين تارانتينو واحدا من أكثر المخرجين إثارة للجدل ورغبة في تحطيم تقاليد السينما المعتادة.

خلال مقابلة مع كريس والاس على قناة “سي إن إن” (CNN)، كشف المخرج -البالغ من العمر 59 عاما- عن سبب اعتزامه التوقف عن الإخراج بعد فيلمه القادم، وقال إنه عمل لمدة 30 عاما، وقد حان الوقت لإنهاء عروضه، لأنه فنان ويريد أن يترك الجماهير راغبة في مزيد من أفلامه، ولا يرغب في أن يصبح ذلك الرجل العجوز البعيد عن الساحة.

 

لا يمكن اعتبار تارانتينو في حالة تراجع أبدا، فقد شهد فيلمه الأخير “ذات مرة في هوليود” (Once Upon Time In Hollywood) نجاحا كبيرا وفاز بجائزتي أوسكار، منها جائزة أفضل ممثل مساعد لبراد بيت كما حقق الفيلم إيرادات قدرها 374 مليون دولار مقابل ميزانية قدرها 90 مليون دولار، لذلك رغم أن تارانتينو يشعر أنه بعيد عن التواصل مع الجماهير الحالية، فإنه لا يزال قادرا على صنع فارق في صناعة السينما.

شغف بالتدمير والزوال والنهايات

بدأ تارانتينو رحلته الإخراجية عام 1992 بفيلم “كلاب المستودع” (Reservoir Dogs)، الذي اعتبره النقاد تجسيدا لأسلوبه في الكتابة ونوعية الشخصيات التي سيقدمها في أفلامه المستقبلية.

بعد ذلك بعامين، قدم فيلم “خيال رخيص” (Pulp Fiction) من بطولة جون ترافولتا وبروس ويليس، وهو فيلم جريمة قدمه في سرد غير خطي، ومنذ ذلك الوقت استكشف تارانتينو طريقته الخاصة من خلال أفلامه التي يوجد بينها عديد من القواسم المشتركة، أهمها شغفه للتدمير والزوال النهائي، الأمر الذي يتفق مع رغبته في تقديم 10 أفلام فقط، ليس أكثر، تجمع رؤيته الفنية الخاصة التي تجلب شعورا ديناميكيا للغاية في الأفلام وتضع المشاهدين في قلب الأحداث بطريقة سريعة ومثيرة.

Best Original Screenplay winner Quentin Tarantino addresses the audience onstage at the 85th Annual Academy Awards on February 24, 2013 in Hollywood, California. AFP PHOTO/Robyn BECK
كوينتين تارانتينو بعد فوزه بجائزة أفضل سيناريو أصلي في حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي الـ85 (الفرنسية)

هل سينفذ وعده بالتوقف فعلا؟

الإشارة إلى توقفه بعد الفيلم العاشر ليست جديدة، حتى إن تلك الفكرة تطرح في كل مرة يعلن فيها تارانتينو عن فيلم جديد، لذلك وُضعت تصريحاته محل تساؤل عدة مرات، وفي حين اعتبرها بعضهم أنها حيلة تسويقية لجذب الانتباه والترقب حول مشروعاته المستقبلية، يعتقد آخرون أنها قناعته الشخصية فعلا، خاصة عندما توسع في حديثه إلى موقع “بيور سينما بودكاست” (Pure Cinema Podcast) قائلا إن معظم المخرجين لديهم أفلام أخيرة سيئة، وإن إنهاء مسيرة المخرج بفيلم لائق هو أمر نادر الحدوث، في حين أن إنهاءها بفيلم جيد هو حدث استثنائي.

الفيلم العاشر وربما الأخير

وفقا لمجلة “هوليود ريبورتر” (The Hollywood Reporter)، يستعد تارانتينو لإصدار فيلمه العاشر خريف العام الجاري، وتقول المصادر إن الفيلم يدور حول الناقدة الأميركية الشهيرة بولين كايل، التي عاشت خلال سبعينيات القرن الماضي في مدينة لوس أنجلوس.

 

لم تكن كايل التي توفيت عام 2001 مجرد ناقدة، بل كانت كاتبة مقالات وروائية، وعملت لفترة قصيرة مستشارة لشركة “باراماونت بيكتشرز” (Paramount Pictures)، ويبدو أن تلك الفترة هي التي اختارها تارانتينو لفيلمه، ومن المعروف أنه يُكن احتراما عميقا لتجربة كايل، وهو ما يجعل احتمالات كونها موضوع فيلمه كبيرة.

لم يحدد عنوان الفيلم النهائي، لكنه حتى الآن يحمل اسم “ذا موفي كريتيك” (The Movie Critic)، كما لم يحدد استوديو التصوير بعد، لكن وفقا للمصادر قد تكون “استوديوهات سوني” (Sony Pictures Studios) من أبرز الاستوديوهات المرشحة، حيث تربط القائمين عليه علاقة وثيقة مع تارانتينو، كما أنهم وزعوا فيلمه “ذات مرة في هوليود” مع صفقة رابحة لتارانتينو، حيث تعود له حقوق الفيلم مع مرور الوقت.

قال تارانتينو في حديثه لموقع “سينما بلند” (Cinema Blend) إن فيلمه الأخير سيكون خاتمة لكل ما قدمه من قبل، وإذا كانت كل أفلامه تحكي قصة واحدة، وكل فيلم يشبه عربة قطار تنضاف إلى عربات أخرى لتشكل القطار كله، فسيكون الفيلم الأخير أشبه بخاتمة كبرى لأعماله.

ماذا سيفعل بعد الانتهاء من فيلمه الأخير؟

على افتراض تمسك تارانتينو بخطته، لا يتوقع أحد أن يختفي تماما من دائرة الضوء، فهو يمكن أن يقضي باقي حياته المهنية في كتابة الكتب والمسرحيات، ويعود مجددا إلى الأدب كما أخبر بيتر ترافرس عام 2020.

فقد أصدر روايته الأولى بالفعل عام 2021، وهي الرواية المستوحى منها فيلمه “ذات مرة في هوليود”، وأعقبها بكتاب في النقد السينمائي تحت عنوان “تكهنات سنيمائية” (Cinema Speculation)، كما أشار إلى أنه يعتزم كتابة رواية تحاكي فيلمه الأول “كلاب المستودع” (Reservoir Dogs) كما يأمل في تحويلها إلى مسرحية أيضا.

 
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author