واشنطن بوست: 6 أمور مضللة يعتقدها الناس عن السياسة
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية مقالا يسلط الضوء على أبرز المعلومات المغلوطة عن السياسة وآليات صنع القرار التي يرى كاتب المقال أنها شائعة بين الناس وخاصة في المجتمع الأميركي.
وأشار بول والدمان في مقاله بالصحيفة إلى تدوينة للملياردير الأميركي إيلون ماسك ينتقد فيها المشرعين الأميركيين على خلفية إقرارهم حزمة إنفاق حكومية بقيمة 1.7 تريليون دولار الشهر الماضي.
وقال ماسك في تدوينته إنه يعتقد جازما أنه ما من أحد من المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ الذين صوّتوا لمصلحة تلك الحزمة قد قرأ كل ما ورد في مشروع القرار.
وأوضح “لو أضفنا ذلك المطلب الأساسي (قراءة نصوص مشاريع القوانين والقرارات قبل التصويت عليها)، فسوف يتحسن التشريع تحسنا كبيرا لمصلحة الشعب”.
وعلّق والدمان بأن ما ذهب إليه ماسك ضرب شائع من المعلومات الخاطئة، ويدخل ضمن الأفكار الشائعة المغلوطة حول الطريقة التي تدار بها السياسات ومن بينها:
1- “لو قرأ المُشرِّعون نصوص القوانين قبل التصويت عليها لكانت التشريعات أفضل”
الاعتقاد الخاطئ الأول، وفق الكاتب، هو الاعتقاد بأنه إذا قرأ المشرعون نصوص مشاريع القوانين قبل التصويت عليها، فإن التشريعات ستكون أفضل.
وهو طرح يصعب الاعتراض عليه، فمعظم المشرِّعين لا يقرؤون نصوص مشاريع القوانين، وليس ذلك كسلا منهم، بل لأن القوانين تُكتب بلغة متخصصة من قِبلِ خبراء لأغراض لا علاقة لها بتسهيل فهمها واتخاذ القرارات الحكيمة بشأنها. ينبغي أن يعرف أعضاء الهيئات التشريعية الأمور التي يصوتون عليها معرفة تامة، ولكن نصوص القوانين لا تساعد على ذلك.
وفيما يتعلق بالمثال الذي استهلّ به الكاتب مقاله عن رأي ماسك حول إقرار مجلسي النواب والشيوخ حزمة الإنفاق الحكومية، أشار والدمان إلى أن مشروع القانون جاء فيما يربو على 4 آلاف صفحة، وكان مكتوبا بلغة تشريعية غامضة.
2- “إذا توقفنا عن التبذير فإن معظم مشاكلنا ستُحل”
لا شك أن التبذير أمر سيئ، ويوجد بمستويات مختلفة في معظم الحكومات، والشركات والمنظمات غير الربحية في كل مكان.
ولكن عندما ينتقد الناس التبذير في الإنفاق وهدر المال العام، فإنهم نادرًا ما يحددون بالضبط ما هو الإنفاق الذي يُفترض أنه يدخل ضمن التبذير، وفق والدمان الذي يقول إنك لو ضغطت على من يقول بذلك، فقد يستشهدون بأمور تافهة للغاية، أو بالإنفاق على مشروع مهم لكنه لم ينل إعجابهم، كما هو الحال لدى من ينتقدون برنامج التأمين في أميركا “مديكير” (Medicaid) الذي يعتقد بعض الناس أنه هدر للمال العام، لكن عشرات الملايين من الأميركيين الذين يعتمدون عليه لتلقي العلاج ربما لا يشاطرونهم ذلك الرأي.
3- عائلتي توازن ميزانيتها. لماذا لا تقوم الحكومة بالشيء نفسه؟”
يرد والدمان بأن السبب هو أن الحكومة تختلف عن إدارة شؤون الأسرة أو البيت، ففي الأوقات الصعبة يرتفع العجز، لأن إيرادات الحكومة أقل ويتعين عليها بذل مزيد من الجهد لمساعدة الناس. وإذا أقدمت الحكومة على خفض الإنفاق خلال كل ركود اقتصادي لتحقيق التوازن في الميزانية، فإن الأمور ستكون أسوأ.
ويضيف “قد تضطر عائلتك إلى اقتراض أموال للاستثمار في مشاريع مهمة طويلة الأجل مكلفة مثل شراء منزل أو تعليم الأبناء. وكذلك ينبغي للحكومة أن تفعل”.
4- “ينبغي أن تدار الحكومات كما تدار الأعمال التجارية”
يعتقد الكاتب أن هذا الطرح خاطئ، فالحكومة ليست مشروعا تجاريا، وليست مؤسسة مكرسة لتحقيق الأرباح، كما أنها تقوم بالعديد من الأمور التي تتطلب إنفاق المال ولا تحقق أي عائد مالي، مثل توصيل البريد إلى العناوين الريفية النائية ورعاية المرضى على سبيل المثال لا الحصر.
5- “على الأحزاب وضع خلافاتها جانبا والانشغال بالعمل”
يرى والدمان أن هذه الفكرة الشائعة نشأت من الافتراض بأن الاختلافات السياسية أمر لا قيمة له، ولكن الخلافات السياسية في هذا العصر الذي يطغى فيه الاستقطاب مهمة للغاية.
ويضرب مثالا على ذلك ببعض القضايا الخلافية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، والتي من بينها موضوع الإجهاض، وإذا كان ينبغي السماح به قانونيا، وإذا كان على السلطات زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء أو خفضها، وخطة الحكومة حيال المناخ، وأسئلة تتعلق بتوسيع التغطية الصحية لتشمل مزيدا من المواطنين، وزيادة رواتب العمال، على سبيل المثال لا الحصر.
6- “نحتاج إلى مزيد من الناس في الهيئات التشريعية من غير السياسيين”
وذلك هو الاعتقاد المغلوط السادس والأخير، وفق مقال والدمان الذي يقول إنه كثيرا ما يرد على لسان المرشحين الجدد للهيئات التشريعية، الذين يسوِّقون افتقارهم إلى المؤهلات على أنه مؤهل مهم.
ويُرجع الكاتب ذلك إلى أن السياسيين غالبا ما يقعون فريسة لبعض الميول السيئة، مثل تضخيم الذات، والخداع وعدم التفكير بروية. لكن الحقيقة هي أننا نحتاج إلى من يفهم السياسة في هذه الهيئات. فكما أنك -على سبيل المثال- لن توظف محاسبًا لإصلاح الكهرباء في منزلك أو كهربائي لجرد حسابك الضريبي، فأنت أيضا بحاجة إلى أشخاص يفهمون السياسة ويستطيعون التعامل مع القضايا السياسية الشائكة في تلك الهيئات.