أرجع الإعلامي والباحث السياسي الصيني رونغ هوان الأسباب التي دفعت الصين لزيادة إنفاقها العسكري إلى حاجة بكين لبناء القدرات الدفاعية التي تتناسب مع النمو الاقتصادي، فضلا عن مواجهة ما أسماها التحديات الأمنية المعقدة، وتشمل التحالفات العسكرية حول الصين من قبل الولايات المتحدة الأميركية وزيادة التواجد العسكري الأميركي في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وزيادة الإنفاق العسكري السريع في اليابان.

وقال إن الصين تزيد إنفاقها العسكري بشكل طفيف من أجل الدفاع عن نفسها، وهي تسعى للحفاظ على السلام والاستقرار في آسيا والمحيط الهادي، وجعلها منطقة تنمية لا منطقة للصراع الجيوسياسي، نافيا الاتهامات الغربية لها بزيادة الإنفاق العسكري بهدف الهيمنة وتهديد جيرانها.

 

وكانت الصين أعلنت أن ميزانيتها العسكرية -وهي الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة- سترتفع بنسبة 7.2% عام 2023. وتم الإعلان عن حجم الإنفاق العسكري الصيني في تقرير لوزارة المالية نُشر بمناسبة انعقاد الدورة السنوية لمجلس النواب اليوم الأحد. وتخطط بكين لإنفاق تريليون و553 مليار يوان (224 مليار دولار) على دفاعها، أي أقل 3 مرات من الميزانية الدفاعية الأميركية.

ونفى هوان في السياق ذاته الاتهامات التي توجه للصين بأنها تقدم مساعدات عسكرية لروسيا، قائلا إنها لا تقدم مساعدات لا لروسيا ولا لأوكرانيا، وأنها تحث كل الأطراف على وقف إطلاق النار والعودة للمفاوضات، وهو السبيل لإنهاء الأزمة، مرجعا تلك الاتهامات إلى رفض بكين اتباع الخطوات الأميركية في فرض العقوبات على موسكو.

وفي مقابل الرؤية الصينية التي عبّر عنها هوان، اتهم ديفيد سيدني نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الأمن القومي في آسيا بكين بمحاولة استخدام جيشها لتهديد الدول الأخرى المجاورة لها مثل كوريا الجنوبية واليابان، مؤكدا أنها لا تواجه تحديات مثل الولايات المتحدة وحلفائها، ورغم ذلك تقوم بزيادة أنشطتها العسكرية وتهدد تايوان، مما يشكل تهديدا لاستقرار المنطقة.

الصين تهدد جيرانها

وأكد الضيف الأميركي -في حديثه لحلقة (2023/3/5) من برنامج “ما وراء الخبر”- أن الصين قامت خلال السنوات الأخيرة بعسكرة منطقة بحر جنوب الصين بزعم أنها جزء من مياهها الإقليمية، وترسل غواصات وسفنا حربية إلى هناك، مشيرا إلى أن التصدي للتصرفات الصينية يجب أن يكون بتعاون بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

 

ومن وجهة نظر دافيس فافاشان، وهو محلل الشؤون الأمنية والدفاعية والباحث المختص في شؤون جنوب شرق آسيا، فإن الصين كغيرها من الدول تراقب عن كثب النزاع الجاري في أوكرانيا، وهي تعمل على تسليح، نفسها آخذة في الاعتبار دورها وقوتها في أكثر المناطق سخونة.

وما دامت الولايات المتحدة بدأت ضخ الأموال في الفلبين، واليابان تزيد إنفاقها العسكري، وفي ظل توتر في بحر جنوب الصين؛ فإن بكين -كما يضيف محلل الشؤون الأمنية- ترى نفسها معنية وتريد أن تصبح دولة عالمية في المنطقة.

ولم يستبعد فافاشان إمكانية انزلاق التنافس والتصعيد الجاري إلى مواجهة وزعزعة الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي، خاصة في ظل الحرب في أوكرانيا وسباق التسلح في المنطقة بين مجموعة الولايات المتحدة وحلفائها (اليابان وكوريا الجنوبية) من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى.

ووفق تقارير المعهد الدولي للبحث حول السلام في ستوكهولم، فإن الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة التي تخصص أكبر نفقات عسكرية في العالم، بلغت 801 مليار دولار عام 2021، تليها الصين بإنفاق يعادل 293 مليار دولار، ثم الهند بإنفاق عسكري يفوق 76 مليار دولار، فالمملكة المتحدة بأكثر من 68 مليار دولار، لتأتي بعدها روسيا بنحو 66 مليار دولار، ومن بعد ذلك فرنسا بأكثر من 56 مليار دولار.

المصدر : الجزيرة

About Post Author